زيد الحلي
ان اخطأت فاعذروني وصححوا لي، وهذا الخطأ يتمثل بإحساسي أن المسؤولين في بلدي لا يمرون في شوارع بغداد والمحافظات، وانهم يتنقلون في مركبات فضائية من اماكن سكناهم الى دوائرهم، واذا تعطلت تلك المركبات واجبروا على استعمال سياراتهم، فإنهم يضعون نظارات سوداء، اتقاء لمشاهدة ما لا يسر في الساحات والشوارع العامة، متناسين ان عموم الشعب والزوار العرب والاجانب والهيئات الدبلوماسية يسلكون تلك الشوارع وعيونهم تصطدم يوميا بمناظر تخدش الضمير والوجدان في بلد غني بالثروات
والتاريخ.
وهذه المشاهد المؤلمة هي ظاهرة التسول، التي اصبحت {سمة عراقية} بامتياز واخذت بالاستشراء لحد مخيف، ولم تقتصر على لون انساني معين كالعجزة وكبار السن، بل تعدته الى شباب وشابات امتلأت بهم ساحات الجامعات ومجمعات الاطباء ومقتربات الجسور والاسواق الشعبية.
الى متى يبقى الحال؟ وما هي الحلول للقضاء على هذه الظاهرة؟، المؤشرات التي امامنا تقول إن الموضوع برمته لا يقلق الدولة، لا سيما الجهات الاجتماعية ذات العلاقة، فالتوالد المستمر لأجيال المتسولين في ازدياد، والأساليب المبتكرة لدى (اساطين) التسول اتسعت صورها وتنوعت، لتشمل استعمال القوة والكلام الجارح في فرض (اتاوات)الحصول على المال من عباد الله، امام مرأى اجهزة الامن المرابطة قرب الساحات العامة ورجال المرور وغيرهم.
حين اشاهد امرأة تتسول بنداءات حزينة، وهي تضع على حجرها طفلاً رضيعاً، دست في حليبه مادة منومة حتى يبدو نائما او معتلاً، لا ألبث أن أعود إلى حزني حتى ان كنت في كامل سعادتي، كأن أيامي ترفض لي الابتسام فأظل حزينا طوال يومي أصارع حزنا دفينا على ابناء وطن غني في كل شيء إلا الرفاه والاطمئنان!.
اقول لمن بيدهم امر البلد من واضعي النظارات السوداء على عيونهم، وفي آذانهم وقر، ان البكاء المصطنع على الظواهر المؤلمة ليس حلاً، لكن علينا الشروع بحملة وطنية لوقف فيضان التسول بسرعة، فهل من مستجيب؟.