ما أشبه {كابول} بــ {بنغازي}..لحظة بايدن الصعبة

بانوراما 2021/10/06
...

 بيل باويل    
 ترجمة: مي اسماعيل 
هل ستطارد التطورات الأمنية في العاصمة الأفغانية كابول، والتي عرقلت عمليات الانسحاب الأميركية، الرئيس جو بايدن إلى ما تبقى من مدة رئاسته، هكذا يتساءل المراقبون الأميركان. لا بل إنهم باتوا يتساءلون عن تكلفة انتخابات مجلس الشيوخ الأميركية المقبلة في منتصف المدة والتي قد تفقد الرئيس زخمه السياسي في الغرفتين البرلمانيتين.
 
لعل تفجيرات مطار كابول الأخيرة وأحداث أمنية أخرى مصاحبة، كانت أسوأ أيام الرئيس بايدن حتى الآن؛ بحسبما اعترفت به المتحدثة باسم البيت الأبيض {جينيفر بساكي}. 
فقد كانت مشكلة بايدن وحزبه أنه لم يكن مجرد يومٍ سيئ؛ وإنما سيحدد ما بعده في ترتيب التعامل الأميركي مع دول الناتو.
فبينما سارعت الولايات المتحدة لإجلاء جميع الأميركان من كابول قبل حلول الشهر الماضي؛ وهو الموعد الذي حدده بايدن بنفسه؛ أدى هجوم انتحاري على مطار حامد كرزاي الدولي بكابول الى مقتل عشرة من جنود مشاة البحرية الأميركية واثنين من جنود الجيش ومسعف طبي من البحرية، وأكثر من 180 شخصا بالمجموع العام.
وظهرت تداعيات الهجوم المروع بمزيد التوتر بين قطاعات المجتمع الأفغاني والسلطة الجديدة؛ فضلا عما نتج عنه أسوأ أيام الوجود العسكري الأميركي خلال عقدين من الزمن؛ الى ترك ندبة دائمة على رئاسة بايدن وصمت بأنها غير كفوءة بشكل خطير. 
وصف بايدن في خطاب موجه، القتلى الأميركان بأنهم أبطال قدموا حياتهم.. وتوعد أيضا بالرد؛ قائلا: {الى من قاموا بهذا الهجوم، فضلا عن كل من يتمنى الأذى لأميركا؛ فليعلموا أننا لن نسامح ولن ننسى؛ وسنتتبعكم ونجعلكم تدفعون الثمن...}. 
وفسر البعض هجوما أميركيا انتقاميا بطائرة مسيرة على إقليم ننجرهار الأفغاني في الليلة التالية للتفجيرات، بأنها إزالة للضرر الذي لحق برئاسته؛ ولو بصورة جزئية، وقال البنتاغون إن الهجوم قتل اثنين من عناصر تنظيم داعش؛ متبوعا بضربة أخرى بعد يومين استهدفت سيارة قيل إنها تحمل منفذي هجمات انتحارية من عناصر داعش الى مطار كابول أيضا؛ وقد يكون ذلك مجرد البداية. غير أنه وفي وقت لاحق قدم وزير الدفاع الأميركي {لويد أوستن} اعتذارا رسميا عن تلك الضربة؛ بعدما تبين أنها أسفرت عن مقتل 10 مدنيين أفغان عن طريق 
الخطأ. 
 
كوارث السياسة الأميركية
لا يوجد نظير دقيق لكارثة أفغانستان؛ رغم أنه يجلب إخفاقاتٍ أخرى إلى الذهن.. مثل الانهيار العسكري الأميركي في سايغون سنة 1975، خلال عهد الرئيس الأميركي الأسبق {جيرالد فورد}؛ وسقوط الطائرة {صحراء-1} خارج طهران سنة 1980 والمهمة الفاشلة لإنقاذ 53 رهينة من السفارة الأميركية، التي دمرت رئاسة {جيمي كارتر}؛ ومسرحية {جورج بوش} وإعلانه أن.. {المهمة أُنجزت} من على ظهر حاملة الطائرات {يو أس أس إبراهام لنكولن} سنة 2003، رغم أن حرب العراق استمر لسنوات لاحقة؛ وهجمات بنغازي التي أدت لمقتل السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة أميركان آخرين سنة 2012، الأمر الذي طارد هيلاري كلنتون (وزيرة الخارجية الأميركية حينها) حتى يومنا هذا.. هناك أصداء لكل تلك الأحداث في نهاية لعبة بايدن الكارثية في أفغانستان. 
ولو قُدّر للجمهوريين أن يستعيدوا مجلس النواب العام المقبل؛ كما أصبحت ثقتهم تزداد بأنهم فاعلون؛ فمن المؤكد أنهم سيدفنون ادارة بايدن بالتحقيقات وجلسات الاستماع للعامين التاليين. وما التداعيات السياسية لتجربة بنغازي سوى أنموذج مصغر لنوع رد الفعل العنيف الذي سيواجهه بايدن. يقول {مايك جونسون} ممثل ولاية لويزيانا، عضو قيادة الحزب الجمهوري ولجنة القوات المسلحة: {هذا الأمر يجعل حادثة بنغازي تبدو قضية أصغر 
بكثير. 
وقد تكون واحدة من أسوأ وأخطر كوارث الأمن القومي والسياسة الخارجية في تاريخنا. وستكون هناك الكثير من الإجابات التي يجب البحث عنها والأسئلة التي يجب الإجابة 
عليها}. 
عمر رئاسة بايدن الآن ثمانية أشهر فقط؛ لكن معدلات قبوله بدأت بالانخفاض حتى قبل هجوم كابول. كانت فوضى أفغانستان بالتأكيد إحدى أسباب انخفاض شعبيته؛ مضافا اليها الفشل في السيطرة على مشكلات التهريب عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة وارتفاع معدلات التضخم والزيادة الأخيرة في معدل حالات الإصابة بالفيروس؛ وما رافقها من تصاعد معدلات الرقود في المستشفى وإصابة أشخاص سبق تلقيهم اللقاح بالمرض. 
وهكذا بات استمرار انتشار الوباء يقلل من مصداقية بايدن ويحرمه من الفوز السياسي. وبالنسبة لفريق عمله؛ لم تعد جملة {هذا أمر سينقضي أيضا} الآن إلا ضربا من الأمل؛ وليس اليقين.. وبعد هجوم كابول يبدو أن الأمل هو كل ما يمكنهم 
التشبث به. 
 
مجلة {نيوزويك} الأميركية