خطوة على الطريق

الصفحة الاخيرة 2021/10/09
...

 جواد علي كسّار
 
بين تشرين الأول عام 1922م وتشرين الأول عام 2021م تكون قد مرّت مئة عام على تجربة الانتخابات في بلدنا، وهي مدّة جيّدة بل ممتازة إذا ما قيست بتاريخ الدولة الحديثة في العراق، هذه الدولة التي يمتدّ عمرها هي الأخرى إلى مئة عام.
بدأت القصة عندما كانت الدولة العراقية لا تزال قيد التأسيس، حين أصدر الملك بتاريخ 19 تشرين الأول عام 1922م، قراراً يفضي بتأليف المجلس التأسيسي من (100) عضو، عن طريق الانتخاب، لينهض بمهام ثلاث، هي وضع الدستور، وسنّ قانون انتخاب مجلس النوّاب، وأخيراً التصديق على المعاهدة العراقية ـ البريطانية.
لم يكن انتخاب المجلس التأسيسي عملاً سهلاً، وسط قوّة المعارضة، وميل الرأي العام العراقي إلى مقاطعة الانتخابات، وصدور فتاوى ضدّها، أضف إلى ذلك ضعف حكومة عبد الرحمن النقيب الفتية.
تعثرت الانتخابات وأسقطت حكومتين، لكنها تمّت أخيراً في تموز عام 1923م، وانبثق عنها المجلس التأسيسي، لتضع اللبنة الأولى لهذه الممارسة في التاريخ الحديث للمجتمع العراقي، هذه الممارسة التي راحت تنمو ببطء، لكن بتواصل طوال العهد الملكي تقريباً.
إذا نظرنا إلى تلك التجربة البعيدة، من نافذة التاريخ، فقد سجّل الدارسون بحق كثيراً مما شاب هذه الممارسة من نواقص، سواء ما يرتبط بالمجلس التأسيسي أو بالمجالس النيابية، لكنها على أي حال كانت تجربة مثّلت البواكير الأولى للعمل الانتخابي بصفته أداة، في طليعة أدوات العمل السياسي، وإدارة الدولة، وتداول السلطة.
مع الأسف انقطع المسار التراكمي لهذه التجربة، عندما توقفت الانتخابات في عصر الجمهورية بعد 14 تموز 1958م، خلا تجربة متعثرة في عهد النظام البائد، هي انتخابات المجلس الوطني التي بدأت مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، وكانت إعادة إنتاج سيئة لديكتاتورية الحزب الواحد، والصوت الواحد، والزعيم الواحد!.
بعد عام 2003م شهد البلد استئنافاً، أو في الحقيقة تأسيساً جديداً للتجربة الانتخابية، سواء على مستوى الاستفتاء على الدستور، أو الدورات النيابية الأربع التي فاتت.
وعندما ننظر إلى الممارسة بمنطق التراكم وبالأفق الممتد، سنجد الإنسان العراقي وهو يخطو حثيثاً باتجاه تأسيس تجربته الخاصة في العمل السياسي، وبناء الدولة.