مختصون: أمام البرلمان المقبل مسؤوليَّة تاريخيَّة لتعديل الاقتصاد

اقتصادية 2021/10/11
...

 بغداد: الصباح 
تطابقت الرؤى الاقتصادية الداعية الى إحداث ثورة في القوانين والتشريعات خلال الدورة البرلمانية المقبلة، لاسيما القوانين التي من شأنها مضاعفة الايرادات العامة، وتفعيل دور القطاع الخاص، والنفط والغاز، وصندوق الاجيال، فضلا عن التأكيد على ضرورة أن يسعى البرلمان المقبل، الى تحويل الموازنة العامة من «بنود إلى برامج واهداف سنوية» والسعي الى احياء عشرات المواد الدستورية المعطلة، والكفيلة بتنشيط الواقع الاقتصادي في العراق، كالمادة 106 الخاصة بمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية.  الخبير الاقتصادي، مناف الصائغ، دعا عبر «الصباح» الى احداث ثورة تشريعية كبرى خلال الدورة البرلمانية المقبلة، والسعي الى تحريك العديد من القوانين والمواد الدستورية التي من شأنها تحريك الاقتصاد، مشددا على اهمية تفعيل المواد 106 من الدستور، الخاصة بمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية، والمادة 111 المعنية بضرورة اقرار قانون النفط والغاز، وتفعيل المادة 112 أولا وثانيا من الدستور واقرار قانون الادارة المشتركة ورسم السياسات الاستثمارية لقطاعي النفط والغاز بين السلطات الاتحادية والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة باقليم.
وحث الصائغ، على اهمية أن يسعى البرلمان المقبل، بالتعاون مع الحكومة، على ادراج تنفيذ خطط التنمية في بنود الموازنة، مع الزامية أن تترجم إلى مشاريع سنوية واجبة التنفيذ في الموازنات العامة للدولة التي تقرها وزارة التخطيط بمشاركة جميع الوزارات والقطاع الخاص، مؤكدا في الوقت ذاته، ضرورة العمل مع الحكومة على انتاج واقرار قانون صندوق الاجيال، واقرار قانون مجلس الاعمار مع النص في القانون على تحويل جزء لا يقل عن ربع العائدات النفطية اليه لإغراض تنفيذ المشاريع الستراتيجية.
 
النظام الاقتصادي
وشدد الخبير الاقتصادي، على اهمية أن يقدم البرلمان الجديد على تنظيم قانون يحدد فلسفة النظام الاقتصادي العراقي وشكله وطبيعته، وأن يعمل على تنظيم قانون القطاع الخاص باعتباره شريكا اساسيا في صنع القرار الاقتصادي، فضلا عن اقرار قانون النفط والغاز لتنظيم الانتاج وتوزيع الموارد المالية، وقانون ادارة الموارد المالية الاتحادية لتنظيم الصرف والتوزيع العادل بين الأقاليم والمحافظات وضمان التقيد بالقوانين الرقابية الاتحادية.
كما دعا الصائغ، السلطة التشريعية المقبلة، الى تعزيز بيئة الاعمال ورفع مستوى اداء الحكومة في تيسير اعمال الشركات ضمن المؤشرات العالمية لضمان تشجيع الاستثمارات في العراق، والسعي الى انتاج قانون التنافسية لمؤسسات الدولة لضمان تقديم أفضل الخدمات العامة للمجتمع، بما يضمن جودة عالية في الخدمة مع كفاءة في الاداء الحكومي.
 
مشاريع متوسطة
وبهدف تتشيط السوق ودعم سعر الصرف، اقترح الصائغ على الحكومة والبرلمان المقبلين، القيام بتحديد مشاريع متوسطة وصغيرة يحتاجها واقع النشاط الاقتصادي في البلد، وبالتعاون مع البنك المركزي ووزارة المالية ودعم المؤسسات الدولية ذات العلاقة في إحياء تلك المشاريع ومراقبتها، لحين نجاحها لسد حاجة السوق من منتجاتها وايضا خلق فرص عمل مما سيعطي النشاط الاقتصادي دفعه قوية.
وأكد المتحدث، أهمية التعاقد مع الشركات العالمية لبناء وحدات سكنية جيدة وواطئة الكلفة لمن لا سكن لهم ولذوي الدخل المحدود والعاملين في مؤسسات الدولة، وهذا سيمنح العراق نشاطا اقتصاديا يوميا يعزز من قدرة الدخل الفردي والانفاق العائلي وايضا يشغل قطاعات متعددة ذات العلاقة بقطاع البناء والتشييد.
 
قانون الضريبة
بدوره، يرى الباحث بالشأن السياسي والاقتصادي، نبيل جبار العلي، خلال حديثه لـ«الصباح» ضرورة أن تتصدر قضايا الاقتصاد أولويات السياسيين في المرحلة المقبلة، عازيا ذلك الى جملة اسباب، على رأسها مهمة الحكومة القادمة في تلبية مطالب تظاهرات تشرين، لاسيما المطالب الاقتصادية منها، وتوفير فرص العمل وتقديم الخدمات، التي تتطلب اقرار او تعديل مجموعة من التشريعات لدعم الاصلاحات الاقتصادية او الاجراءات التنفيذية، لتوفير الاموال اللازمة وتقنين النفقات.
 وشدد العلي، على ضرورة أن تتصدر اجندات جلسات البرلمان القادم، مشاريع القوانين الحكومية او مقترحات اللجان البرلمانية التي تتناول القوانين والتشريعات الاقتصادية، وعلى رأسها مشروع قانون موازنة 2022، وقانون النفط والغاز، وتعديلات قانون الضريبة، والضمان الاجتماعي والصحي.
وحث الخبير الباحث الاقتصادي، على اهية أن يقدم مجلس النواب المقبل، بالتعاون مع الحكومة، على معالجة مشكلة القطاع العام عبر تشريع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
 
ملفات شديدة الأهمية
ربما يبدو الحديث مبكرا عن اولويات المهام التي سيضطلع بها مجلس النواب العراقي الجديد في دورته الخامسة، ولكن من المناسب جدا ان تكون الصورة واضحة امام التشكيلة النيابية الجديدة، التي ربما ستكون نسبة كبيرة منها هم من النواب الجدد الذين لم يسبق لهم ان مارسوا العمل النيابي من قبل، ولأن المهمة الاساسية للمجلس تنحصر في امرين اثنين، وهما التشريع والرقابة.
ويجد عبد الزهرة الهنداوي أن الامر يتطلب منا ان نضع على طاولة المجلس الجديد عددا من القضايا التي نجدها ملحة ومهمة، بعضها ما زال معلقا على رفوف مجلس النواب، وبعضها اني ولكنه شديد الاهمية.
وتابع يمكن ان نشير الى بعض من تلك الملفات، التي يأتي في مقدمتها، ملف الموازنة العامة للدولة للعام المقبل 2022، ومدى ارتباط مفاصل الحياة باقرار هذا القانون، اذ لم يسعف الوقت الحكومة ومجلس النواب السابق من اقرارها، وبالتالي تعد الموازنة الاولوية الاولى امام مجلس النواب، ولكن لا نريدها موازنة مسلوقة سلقا.
واكد الهنداوي وجوب أن تكون الموازنة مدروسة، لاسيما ان الحكومة بذلت جهدا كبيرا في اعدادها، خصوصا في ما يتعلق بقضايا التمويل، والقروض واسعار النفط، وتنويع مصادر الدخل، والتأكيد على قضية صندوق الاجيال الذي يمثل خطوة مهمة باتجاه ضمان حقوق الاجيال القادمة.
 
الموازنة بعين الاعتبار
رأى الهنداوي ضرورة ان تأخذ الموازنة بنظر الاعتبار، مسألة العجز المالي الذي عانينا منه كثيرا، في ظل تحسن ملحوظ باسعار النفط، كما ان ثمة مسألة اخرى تبدو مهمة، منها ما يتعلق بالموازنة الاستثمارية، وواقع حال المشاريع المستمرة، التي تتطلب رؤية ناضجة لضمان اكمالها، ضمن توقيتاتها الزمنية. 
واشار الهنداوي الى ان هناك ملفا اخر انتظر طويلا وهو ملف السكن العشوائي الذي يتطلب تشريع القانون الخاص به، والذي سبق لمجلس النواب السابق ان قرأه قراءة اولى ولكن لم يمض لاسباب كثيرة، ولا بد لهذه المشكلة ان تُعالج معالجة جذرية وحقيقية، لضمان العيش الكريم لملايين العراقيين الذين يقطنون في هذه العشوائيات التي باتت تمثل مشهدا مؤلما في كل مدن ومحافظات العراق.
ليس هذا وحسب، انما هناك مشروع التعداد العام للسكان،الذي تأخر تنفيذه نحو ربع قرن من الزمان، وتنفيذه يتطلب تخصيص ميزانية بمقدار 120 مليار دينار، واعتقد بات بالامكان تخصيص مثل هذه الميزانية، بعد ارتفاع مستوى الاحتياطي النقدي، وتحسن حجم الايرادات المالية، وخروج البلد من الازمة المالية الخانقة.
 
أولويات البرلمان الجديد
كما اعتقد والحديث عن اولويات مجلس النواب الجديد، ان يذهب باتجاه، اقرار قانون الشراكة مع القطاع الخاص، فمثل هذا القانون من شأنه ان يفتح افاقا واسعة امام الاستثمار الداخلي والخارجي، واجتذاب الكثير من الشركات العالمية للاستثمار في العراق، فنحن بامس الحاجة الى مثل هذه الاستثمارات لتحقيق اهداف التنمية المستدامة السبعة عشر في اطار رؤية العراق 2030.
وبين ضرورة تطبيق ملف الاتفاق الصيني، الذي نريده ان يتحول الى اتفاقية يقرها مجلس النواب، ففي هذه الاتفاقية الكثير من ملامح البناء التنموي السليم، عبر النهوض بواقع البنى التحتية، وتحسين واقع الحياة في المفاصل المهمة كالتعليم والصحة والسكن والنقل والزراعة 
وغيرها. وبالتأكيد ان هناك ملفات اخرى كثيرة مطلوب من مجلس النواب الجديد النظر فيها بوصفها تحمل التصنيف «شديد الاهمية»، مثل ملف النفط والغاز، والكهرباء والمنافذ الحدودية وسوى ذلك من الملفات المهمة.
 
المرأة والانتخابات والاقتصاد
ترى ميسون حسين الجبوري أن المرأة عنصر عنصر لايقل اهمية عن الرجل في كل مجالات الحياة، لا سيما الاقتصادية والسياسية.
وقالت لـ «الصباح» الانتخابات ، هي إحدى أهم ركائز الديمقراطية في العالم، وكثير من الدول تعتبر الانتخابات حقا، وبعضها يعتبرها واجبا، وكسائر طبقات وشرائح الشعوب تعتبر المرأة جزءا فاعلا ومهما في تطبيق هذه الممارسة الوطنية الديموقراطية، فعليها أن تاخذ دورها الحقيقي في المجتمع وتغير ما باستطاعتها تغييره من العملية السياسية لتسيير امور البلاد نحو الأفضل .
 واكدت لـ«الصباح» هنا «ياتي دور المرأة في صنع القرار او التأثير في التغيير بصف الناخبين وأكثرهم من النساء، ولكن لا تصل نسبة النساء اللائي يشاركن في التصويت في أقصى الحالات الى 30 % ان لم تكن اقل من ذلك.
فكيف لو زادت هذه النسبة الى النصف او أكثر من الناخبين للنساء، اما إذا تجاوزت نسبة المصوتات الى أكثر من سابقتها فقد تقلب المعادلة والموازين لصالحها تماما اذا احسنت وادت دورها بصورة مقنعة، سنرى تغيرا واضحا للخارطة الاقتصادية والسياسية في البلاد، تأتي من تطلعها وطموحها لجميع نواحي الحياة المتعلقة بها».
 
افرازات الانتخابات والاقتصاد
من جهته قال د. عماد الحرش التميمي ان نتائج الانتخابات المنتظرة خلال الأيام المقبلة، وما تفرزه، تعد من أهم محددات الاتجاه المســتقبلي للاقتصاد العراقي، فبين الضرورة الملحة لإجراء انتخابات ذات مصداقية وفي موعدها المقرر، وبين عزوف أو دعوات البعض لمقاطعتها، يرى بعض المراقبين والمختصين بالشأن الاقتصادي بأن هناك فشلا ذريعاً في إدارة الملف الاقتصادي طيلة المدة الماضية التي تجاوزت «4» دورات انتخابية ارتفعت فيها معدلات الفقر بشكل كبير جداً متجاوزا نسبة «31 %»، فضلا عن تذبذب أسعار النفط، وعدم وجود رؤية مشــتركة لاتجاه اقتصاد العراق مستقبلا.
 
تحقيق الاصلاح الاقتصادي
تابع التميمي «هناك رؤية لدى البعض الآخر منهم بأن هذه الانتخابات تمثل بادرة إصلاح يمكن لها أن تسهم في تحقيق إصلاح سياسي متوافق مع إصلاح اقتصادي، هذا الإصلاح من المؤمل منه أن يؤدي إلى تغيير جــذري في فكر قادة الاقتصاد العراقي بل قد نجد تغييرهم كواقع حال أصلا، لان يُعتقد بأن هويتهم الاقتصادية الأساس أحادية الاقتصاد «ريعية صرف»، وفكرهم اتجاه التنوع الاقتصادي ضعيف ويصب جل اهتمامهم على إضفاء الطابع الريعي على الاقتصاد على الرغم من اعترافهم بضرورة التنمية الاقتصادية وتأييدهم لفكرة الإصلاح تجدهم لا يجعلون منها أولوية في واقع الحال ، لذلك قد يكون ما بعد هذه الانتخابات فرصة لاستيعاب التغييرات والاتفاق على حلول اقتصادية توفيقية بوجود شخصيات اقتصادية مهنية متخصصة وطنية نزيهة تفرزها نتائج الانتخابات، أو بوجود شخصيات وطنية مخلصة محبة لوطنها تمنح الفرصة للشخصيات الاقتصادية المهنية المتخصصة الوطنية النزيهة لممارسة دورها في ادارة الملف الاقتصادي نحو التنمية المستدامة المنشودة والتنوع الاقتصادي المنشود، في ظل وجود النفط والأرض والمياه التي تمثل المورد الطبيعي فضلا عن المورد البشري الذي يعول عليهم بتحقيق ذلك.