الحكم على بول روسيساباغينا بالسجن 25 سنة

بانوراما 2021/10/16
...

   راشيل تشيسون
   ترجمة: خالد قاسم        
بول روسيساباغينا، الذي جعلته شجاعته خلال الإبادة الجماعية الرواندية شخصية مشهورة عالميا وموضوع أحد أفلام هوليوود، أدين في رواندا مؤخرا بتشكيل جماعة إرهابية وحكم عليه بالسجن 25 سنة.
 
هذه المحاكمة الطويلة لم تفاجئ نتيجتها الكثيرين، إذ إن الرئيس الرواندي بول كاغامي دائما ما يصف بول الآخر بالمذنب، وهو ما دفع هذا الأخير للانسحاب من المحاكمة في آذار الماضي قائلا: إنه لا يتوقع حكما عادلا. 
ومع ذلك، مثّل الحكم نهاية فصل مثير بحياة روسيساباغينا، الذي مثّل شخصيته الممثل الأميركي دون شيدل في فيلم «فندق رواندا» ومنحه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش في العام 2005 الوسام الرئاسي للحرية.
أصدرت القاضي بياتريس موكامورينزي حكمها قائلة إن «جبهة التحرير الوطنية»، وهي جماعة مسلحة كانت جزءا من تحالف بقيادة بول، مسؤولة عن هجمات على مدنيين في رواندا تضمنت جرائم قتل ونهب وحرائق متعمدة واعتداءات، وأشارت الى مقطع فيديو يعود للعام 2018 يظهر بول وهو يدلي بتصريح؛ كدليل على إدانته، حينما قال: «حان الوقت لنا لاستخدام كل الوسائل الممكنة لإحداث التغيير في رواندا، إذ جربنا كل الوسائل السياسية بدون نتيجة تذكر».
جادل محامو بول، وهو حامل للجنسية البلجيكية ومقيم في أميركا، بعدم وجود دليل موثوق يظهر أن الجبهة قتلت مدنيين أو أنها كانت خاضعة لسيطرة بول.
وقالوا إن المحاكمة هي محاولة لتبرير الاعتقال التعسفي لمنتقد شهير للرئيس كاغامي، الذي خنق وسائل الاعلام المستقلة والمعارضة السياسية داخليا.
قالت إبنة بول بالتبني آنايس كانيمبا أن الحكم معروف منذ البداية، وأن خصومه يريدون إسكاته مدى الحياة لأنه يبلغ من العمر 67 سنة، والسجن 25 سنة يعني حكما بالإعدام.
وطلبت من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بممارسة الضغط على كاغامي لإطلاق سراح والدها، قائلة إنها فرصة بايدن «لتحويل أقواله الى أفعال بشأن حقوق الانسان» وإظهار اهتمام ادارته بما يحدث في أفريقيا.
 
بطل وطني
اشتهر بول بحماية أكثر من 1200 شخص داخل فندق دي مايل كولينس وسط العاصمة كيغالي خلال مذابح العام 1994، ويأتي الحكم بعد سنوات من الاتهامات المتبادلة بينه وبين كاغامي؛ القائد العسكري السابق للجبهة الوطنية الرواندية، وصار الحاكم الفعلي للبلاد عندما أنهت جماعته الإبادة.
انتقد بول علانية ميول كاغامي الاستبدادية خلال السنوات الأخيرة، وقال الرئيس إن بول ضخم دوره خلال الإبادة ويسعى لإسقاطه.
وأثارت المحاكمة استنكارا واسع النطاق في المجتمع الدولي، بما في ذلك عدة أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي الذين حثوا كاغامي على إطلاق سراح بول لأسباب انسانية. 
من جهتها أصدرت منظمتان أميركيتان للمجتمع المدني تقريرا وجد أن بول ممنوع من حق الاتصال السري مع محاميه، وان سلطات السجن تشدد على قراءة واعتراض الرسائل، وعدم تفحص المحكمة لدوافع شهود الإدعاء وموثوقية إدعائهم، فضلا عن تكرار وصف الرئيس له بالمذنب، ما يعني انتهاك الافتراض المسبق لبول بالبراءة.
يقول محامو بول إن موكلهم تعرض للخداع قبل المحاكمة ليستقل طائرة أخذته الى رواندا في آب 2020، اذ كان يسافر مع قس؛ اعتقد أنه صديق له، وظنّ أن القس متجه الى بوروندي لإلقاء خطب في الكنائس.
وبدلا من ذلك تبين له أن القس هو أحد عملاء حكومة رواندا، فقام بخداع بول واتجه معه الى كيغالي.
تذكر منظمات مثل العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش أن اعتقال بول غير قانوني، ويرتقي الى مستوى الإخفاء القسري، أما مسؤولو الحكومة الرواندية فيتحدثون بفخر عن العملية.
وترى إحدى الكاتبات المحاكمة بأنها جزء من نمط يتبعه الرئيس غير القادر على «التسامح مع المعارضة أو التحدي» وتشير الى موت آخرين عارضوا كاغامي تحت ظروف غامضة، سواء في كينيا أو موزمبيق أو جنوب أفريقيا.
أما فيل كلارك، أستاذ السياسة الدولية بجامعة سواس في لندن، فيقول إن القضية أكثر تعقيدا مما توصف به بوسائل الاعلام الدولية والتي وقفت عموما الى جانب بول، أو في الاعلام الرواندي الخاضع لسيطرة الحكومة ويقف مع كاغامي.
حضر كلارك عدة أيام من جلسات الشهود في كيغالي، ويقول إن الحكومة بالغت في وصف بول بمنسق الهجمات التي قال المدعون إنها قتلت تسعة أشخاص على الأقل.
لكنه يذكر أن المدعين قدموا أدلة ثابتة على توفير بول التمويل «لجبهة التحرير الوطنية».
استغرقت قراءة قرار الاتهام ضده أكثر من ست ساعات في المحكمة العليا الرواندية للجرائم الدولية والعابرة للحدود، وحوكم بول مع 20 آخرين مدعى عليهم.
وتقول متحدثة باسم مؤسسة روسيساباغينا إن أسرة المتهم تشعر بالقلق على صحته، إذ أحتجز في الحبس الانفرادي لأكثر من 250 يوما بلا ضوء أو قراءة، اضافة الى تفويته فحوصات السرطان الدورية.