علوان السلمان
الكتابة الشعرية ابداع منتج (شاعر) يمارس حريته في تسجيل اللحظات التي تحددها زاوية الرؤية الذاتية..كون الكتابة (نوع من حلم موجه) على حد تعبير بورخس..
وباستحضار المجموعة الشعرية (نرجسة الوند).. التي نسجت عوالمها النصية انامل الشاعرخالد نعمة الشاطي مع نص اهدائي موازي(الى أول الكلام..اول الحب..اول الجمال..اليها فقط..)..واسهمت دار الثقافة والنشر الكوردية في نشرها وانتشارها/2011..كونها نصوصا تشتبك والواقع فتقيم علاقة تفاعلية معه بلغة تعتمد التكثيف الصوري المشيد على عالمين مكانيين:اولهما الذاكرة(الذات) وثانيهما الواقع(الموضوع) ومن هذه الثنائية المتصارعة تتشكل حركة التجاذب والتنافر ..
من فرط زهوي/ حين لملمني دم المشيمة بنبوءته/كان يستفزني عبء القماط/ من فرط زهوي/هكذا بدأت/ حين وجدتها مرمية تحت قدمي../شقراء/ عيناها تقوداني نحو ساحل اشقر/يأخذنا الاصيل على موج اغنية/تسرج لي اصابعها بوصلة/ وأرتب جهات الحلم
حين يمطر شعرها شموسا /ص5
فالشاعر يحاول الامساك بالنسق الحكائي مع حرص على الايقاع والصورة الفنية وهو يمارس طقوس الارتقاء في جمله الشعرية عبر لغة حافلة بالمجاز مع تداخل الاحداث ودرامية منولوجية..فضلا عن انه يشتغل على استنطاق الكينونة اللفظية عبر علاقات الدال والمدلول لتفعيل الاثر الحسي..فينسج نصا يزاوج بين واقع انساني مكتظ بالاغتراب والتازم النفسي ابتداء من العنوان العلامة السيميائية الدالة بفونيميها المشكلان جملة اسمية مضافة حذف احد اركانها والتي تحيل الى معنى جمالي.فضلا عن توكيدها وتعاملها مع النص ببعديه الدلالي والرمزي باعتبار الشعر ايحاء وترميز..
حين يغريني وجهها بصلاة الفجر/تتهادى ضفائر الثلج/قطيعا.. قطيعا/ على كنوز الرب../ ـ أين من قلبك
حين تمد أصابعها فوق رأسي/خمسة بلابل شقر/تغرد تحت ثيابي/فتصرخ في دروب صمتي/وتحتفي عيناي حلما/باغتته يوما..وتنزع من ليلي/وشاح صمته الاسود../ص46
فالشاعر يبوح بوحا اقرب الى حوار الذات ويستنطق المكان بصفته دال اشاري متشعب باحداثه التي شكلت بؤرة مركزية تجتمع فيها خيوط النص وتمنح نسيجه تماسكا ووحدة موضوعية من خلال سرد المواقف المتوالدة من تفجير الفعل الدال على الحركة الكاشفة عن الافعال الانسانية..اضافة الى توظيفه تقانة الجملة التكرارية للتوكيد والتنبيه والتي شكلت حركة ايقاعية مضافة ودلالة موحية من شانها ان تغني النص الذي يتشكل وفق تصميم ينم عن اشتغال عميق يعتمد التقاط الجزئيات وصياغة رؤيوية تسمو بمكانة النص الفنية من جهة ومن جهة اخرى تكشف عن بعد نفسي لذات الشاعر المأزومة..
أمد يدي/مضرجة براحتي..ورائحتي/أختلس عنوة/كنوز الرب /من انثاي/فأدمن قتل نفسي/في زحام الكراجات/على مرأى ومسمع مني/مباركة..انت حبيبتي
يا كحل التعب/اذ تجمعين كل خطاي..وخطاياي /ص67
فالشاعريستثمر التداعي والتفاصيل اليومية لاضاءة بعض العوالم المعتمة بلغة محكية بعيدة عن التقعر عبر خطاب الذات ومناخاتها للتعويض عن الغربة وايجاد حالة من التوازن والعالم الموضوعي بانتقاء صوره من البيئة لتشكيل الرؤيا الحالمة واستحضار عوالم المكان بكل تشكيلاته كي يمنح نصه قدرة التدفق المحكوم بصور متتابعة تجعل متلقيها يتماهى معها ويتفاعل مع مناخاتها وانسيابية ايقاعاتها وطقوسها الداخلية المعتمدة جملا فعلية دالة على الدينامية الحركية ابتداء من الاستهلال (فتحت سلال النصل) لا ستثماره روح السرد الشعرية واقامة علاقات حميمية بين اجزاء النص بجمل مكثفة..مشبعة بالرؤى الدلالية والجمالية والمشحونة بطاقة التوتر من اجل المحافظة على العاطفة المتمردة على الواقع ببناء فني تركيبي يعتمد معمارية منسقة ومتناسقة بصورها ومناخاتها الملائمة للحالة النفسية للشاعر المستعين بحقول دلالية (زمان/مكان/حدث..) بلغة مسكونة بابعادها الرامزة الدالة على كثافة العبارة والكاشفة عن عمق
المعنى..