اختطاف

الصفحة الاخيرة 2021/10/21
...

حسن العاني 
 
صداقة لا أطول منها ولا أمتن، هي التي قامت بيني وبين (جمال احمد)، تعود بدايتها الى وقت مبكر من ستينيات القرن الماضي يوم جمعتنا اعدادية الكرخ، وكنا في حينها طالبين من طلاب الصف الرابع وتجمعنا اهتمامات مشتركة بعيداً عن الزمالة الدراسية، في مقدمتها عشقنا المتطرف للقراءة الخارجية، ومحاولاتنا المحمومة لنظم الشعر وكتابة الخواطر الرومانسية مع تجارب في انجاز مقالة نقدية او قصة قصيرة – لا خلاف على أن كل ذلك التوزع لم يُنتج مادة أدبية واحدة صالحة للنشر او التباهي، ولكن نرجسية المراهقة في تلك المرحلة، جعلت الواحد منا يمنح نفسه جائزة نوبل - على أن ما زاد تلك الصداقة عمقاً هو اننا نسكن في منزلين متجاورين، والعلاقة بين اسرتينا لا تقل ارتباطاً عن علاقتنا الشخصية، احتراماً ومحبة، وربما لهذه الأسباب تواصلت صداقتي معه على الرغم من أن ظروف الحياة باعدت نسبياً بين سكنه وسكني، الا ان التواصل بيننا لم ينقطع عبر الموبايل او الزيارات 
المتبادلة..
في تموز عام 2012 سافرت معه الى أربيل، وكان ينوي شراء (سيارة خصوصي) من هناك وهو يحمل حقيبة يد صغيرة فيها قرابة (10) آلاف دولار، في منتصف الطريق وفجأة قامت احدى العصابات باختطاف المركبة التي تقلنا، ولم نكن نعرف الى اين نتجه بعد أن عصبوا عيوننا، وفي مكان ليس له توصيف سوى انه مهجور، أوقفوا مركبتنا وانزلونا ارضاً ورفعوا اغطية العيون، فيما ترجلوا من مركبتهم (الجمسي) وهم يرتدون اقنعة وبأيديهم مسدسات، كانوا خمسة مسلحين تولوا (إيقافنا) على هيئة فصيل عسكري يستمع الى توجيهات قائده، سألوا اول راكب عن عشيرته فأخبرهم إنه (شمري) وأطلقوا سراحه بأمر من زعيمهم الذي قال (لا نريد التورط مع شمر) واخبرهم الثاني انه (عامري) والثالث ( جبوري) والرابع (دليمي)  والخامس (مالكي) و .. و القائد يأمر بإطلاق سراحهم لأنه لا يريد التورط مع تلك العشائر، وحين جاء دوري اردت اخبارهم بانني (من دون عشيرة ) ولكن هذا يضعني في مواجهة مشكلة لا ادري حجم خطورتها، ولهذا قلت له (انا خزعلي) فاخلوا سبيلي، صديقي جمال قال لهم صادقاً ( والله العظيم لا اعرف عشيرتي)  فسأله الزعيم بسخرية (من يحميك اذن يا ابن ال... )، اجابه (انا في حماية القانون والحكومة )، علق احدهم: هذا مواطن لقيط! ولكن الزعيم الذي كان منزعجاً خاطب جماعته ( قوموا بالواجب فقد عثرنا على هدف لا يقف وراءه احد)، الحمد لله بعد يوم واحد فقط عاد صديقي سالماً بعد اكتفاء العصابة بالعشرة 
آلاف دولار.