هكذا تكلم النبي (ص)

الصفحة الاخيرة 2021/10/23
...

جواد علي كسار
 
ليست السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع وحسب، بل هي إلى جوار القرآن مرتكز الحياة الإسلامية، وكلنا نردّد أن السنّة هي قول النبي صلى الله عليه وآله وفعله وتقريره، من هنا تأتي أهمية معرفتنا بأقوال رسول الله صلى الله عليه وآله، فمن دون هذه المعرفة لن نستطيع التأسي بالنبي والسير على هديه: ﴿لَقَدْ كانَ لَكمْ فِي رَسولِ اللَّهِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ (الأحزاب: 21).
وحيث تشيع اليوم ثقافة الاهتمامات الهابطة وتجرفنا التفاهة، يضع النبي بين أيدينا قاعدة الارتقاء، من خلال ترك الهوامش، وتسلّق الذرى بالقضايا الأساسية والكبيرة: «إن الله تعالى جواد يحبّ الجود ومعالي الأمور، ويكره سفسافها» والسفساف، هو الرديء من كلّ شيء، كما يذكر أهل اللغة.
تعلمنا من ثقافتنا العرفية أن الكلام ليس عليه «كمرك» والنبي يقول غير ذلك: «أترك فضول الكلام» لأن: «أكثر خطايا ابن آدم في لسانه»، الكلمة في حديث النبي، هي موقف وليست ثرثرة وهذار ولغو: «ما تصدّق الناس بصدقةٍ أفضل من قول حسن، الكلمة يفكّ بها الأسير، وتجرّ بها إلى أخيك خيراً، أو تدفع عنه مكروهاً أو مظلمة».
المعرفة من مقوّمات الاجتماع الإنساني عند النبي، وبين الجهل والمعرفة يضع لنا النبي معادلة في السنن الاجتماعية، يتحدّد مصير المجتمع على ضوء نتائجها: «إذا أراد الله بقوم خيراً أكثر فقهاءهم، وأقلّ جهالهم، فإذا تكلم الفقيه وجد أعواناً، وإذا تكلم الجاهل قهر، وإذا أراد الله بقومٍ شراً أكثر جهالهم، وأقلّ فقهاءهم، فإذا تكلم الجاهل وجد أعواناً، وإذا تكلم الفقيه قهر» والفقيه من قرائن النص هنا، هو الفاهم الذي يتحدّث عن علم ودراية، وليس المختص بالفقه الشرعي.
تكثر في وضعنا الاجتماعي ظاهرة هروب الرجال من بيوتهم، وإزجاء الوقت مع الأصدقاء واللهو خارج البيت، وإهمال الزوجة والأسرة، والنبي يحث الرجل أن يكون في بيته مع زوجته وأولاده: «جلوس المرء عند عياله أحبّ إلى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا».
الوقت إذا مضى لن يعود، وهو ثروة لا يمكن تعويضها على الإطلاق، لذلك يخاطبنا النبي بوصيته: «كن على عمرك أشحّ منك على درهمك ودينارك».
السلام على أبي القاسم رسول الله صلى الله عليه وآله، في ذكرى مولده الأغرّ وسلام عليه أبد الدهر.