بوابة جبل طارق.. كابوس يومي لآلاف الإسبان

بانوراما 2021/10/28
...

 بيرناردو دوميغيل 
 ترجمة: حميد ونيس
يبدو أن شبح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يهدد جبل طارق مرة اخرى، وبدلا من حل التعقيد في الحدود الفاصلة بين هذه المستعمرة البريطانية والأراضي الإسبانية، في ما يطلق عليه اسم بوابة الحدود، أصبحت المنطقة عبارة عن كابوس يومي لما يقرب من عشرة آلاف إسباني يجتازون البوابة للعمل في المستعمرة. 
 
ففي حال تعثر المفاوضات الجارية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، قد تطلب المفوضية الأوروبية من إسبانيا فرض ضرائب على الأشخاص والبضائع المارة من خلال معبر {البوابة}، المقررة عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، لكونها نقطة دخول وخروج إلى منطقة شنغن.
وكان الوفدان الأوروبي والبريطاني قد عقدا الجولة الأولى من المفاوضات خلال الفترة الماضية، حول مستقبل وضع جبل طارق بهدف التوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام. ومن الناحية النظرية، سيكون الأمر مجرد تاكيد لمذكرة مبادئ التي توصلت إليها مدريد ولندن نهاية العام الماضي، وتتمتع بموجبها منطقة جبل طارق بمزايا المنطقة الأوروبية، بأن تكون جزءا من شنغن ومع إسبانيا باعتبارها الدولة الضامنة. لكن دور ضباط الجمارك التابع للوكالة الأوروبية والشرطة الإسبانية في ميناء ومطار جبل طارق يبقى هو النقطة الشائكة بينهما.
يتمثل الخطر الأكبر، حاليا، في أن مفاوضات جبل طارق قد تتأثر بالمحادثات المتوقفة حول قضية أيرلندا الشمالية، بعد أن أشارت الحكومة البريطانية إلى أنها تريد استبدال البنود التي وافقت عليها في العام 2019 لتغطية التجارة بين أيرلندا الشمالية (التابعة للمملكة المتحدة) وجمهورية أيرلندا (ضمن دول الاتحاد الأوروبي). وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إن الخلافات حول البروتوكول لا ينبغي أن تؤثر في اتفاق جبل طارق: {إنهما مسألتان مختلفتان لا علاقة لهما ببعضهما على الإطلاق؛  علاوة على ذلك، فهما مفاوضات مختلفة.
لكن المصادر التي استشارتها صحيفة الباييس، قالت أنه من الصعب للغاية عزل مساري المفاوضات كليهما، التي تجريان بالتوازي معا، وتعتمدان على المفوض السلوفاكي نائب رئيس المفوضية الاوربية ماروس سيفكوفيتش نفسه. وفي الواقع، تم التوصل إلى اتفاق جبل طارق بعد أسبوع واحد فقط من الانتهاء من صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وكان البروتوكول الخاص بأيرلندا الشمالية من أكثر النقاط حساسية، والذي تريد لندن الآن مراجعته في حين أن بروكسل مستعدة فقط لقبول تفسير مرن يقلل من البيروقراطية التي يجب أن تخضع لها البضائع الذاهبة إلى أولستر.
 
أرض محايدة
ويرى مصدر اوروبي أن المشكلة تكمن في أن الوقت ينفد وقد يتسبب النزاع بإعادة إحياء {البوابة} كما كانت من قبل، سنة 1986، عندما انضمت إسبانيا إلى الاتحاد الأوروبي. وتخطط فرق التفاوض حول جبل طارق لعقد جولتين جديدتين، وتم تحديد الأسبوع الأخير من العام الحالي ضمن التقويمات الخاصة بهم باعتباره الوقت المثالي لإنجاز الصفقة. لكن الإنذارات تصاعدت مع تصاعد التوتر حول البروتوكول الأيرلندي وبات القلق واضحا. ويعلق المصدر أنه {إذا لم يتم حل النزاع بشأن أيرلندا بحلول نهاية العام أو إذا نفذت لندن تهديدها بتعليق الاتفاقية من جانب واحد، فسيكون من الصعب إنهاء المفاوضات بشأن جبل طارق بغض النظر عن مدى التقدم الذي تم إحرازه}.
منذ انتهاء الفترة الانتقالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نهاية العام الماضي، كان جبل طارق ضمن منطقة محايدة، خارج الاتحاد الأوروبي، ولكنها غير مشمولة باتفاقية التجارة والتعاون التي تنظم العلاقة بين بريطانيا والاتحاد. ومن وجهة نظر قانونية، أصبحت {البوابة} بالفعل حدودا خارجية للاتحاد الأوروبي، ولكن من الناحية العملية يظل الوضع على ما هو عليه كما كان عندما كانت جزءًا من 
الاتحاد.
أوضحت المصادر التي تم التشاور معها أن المفوضية الأوروبية تنظر في حل آخر أثناء التفاوض حول الاتفاقية الهادفة لتفكيك نهائي لمنطقة البوابة. غير أنه لا يمكن إطالة أمد هذا الوضع إلى أجل غير مسمى، وستضطر اللجنة، بصفتها الوصي على معاهدات الاتحاد، عاجلا أم آجلا إلى المطالبة بتطبيق ضوابط شنغن؛  من بين أمور أخرى تشمل تأشيرة الدخول ومنح جواز السفر.
وبحلول نهاية شهر تشرين الأول الحالي، يفترض أن تتوقف الاتفاقيات الطارئة التي تنظم الرعاية الصحية للعمال العابرين للحدود، والاعتراف بإجاز السوق البريطانية أو التجنس والتحقق من صحة الألقاب سارية المفعول. وتم تمديد كل هذه الاتفاقيات حتى الآن، لكن المصادر التي تم التشاور معها ترى أنه لا معنى لتمديدها أكثر عندما يتعلق الأمر بالتوصل إلى اتفاق نهائي. 
ويخطط وزير الخارجية الإسباني ألباريس للقاء رؤساء بلديات بلدات جزيرة ومضيق جبل طارق لإصدار رسالة تهدئة، ولكن دون إغفال حقيقة الاستعداد لاحتمال سيناريو صعب للحدود في منطقة البوابة الحدودية في الجبل.
 
صحيفة البايس الاسبانية