هل تتهيأ كوريا الشمالية لأول زعيمة لها؟

بانوراما 2021/10/30
...

سوجين ليم
ترجمة: ليندا أدور
منذ أن بدأت تحظى باهتمام عالمي في العام 2018، تكهن الكثير حول إن كانت كيم يو جونغ، «الأخت الأولى»، لزعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، ستقوم بمحاولة مقبولة للحصول على السلطة.  
 
مؤخرا، بعد دعوة مون جيه إن، رئيس كوريا الجنوبية، الى إنهاء حالة الحرب في شبه الجزيرة الكورية، كان الرد الأولي للشمالية بالرفض والذي جاء على لسان نائب وزير خارجيتها، وهو رد معتاد من بيونغ يانغ كلما طرحت فكرة تحويل الهدنة الموقعة بين البلدين المتحاربين سنة 1953 الى معاهدة سلام فعلية. 
جاءت المفاجأة بما حدث لاحقا، في رسالة بدت أكثر ترحيبية، أرسلتها كيم يو جونغ، تعلن فيها بأن الفكرة «تستحق الإعجاب»، وحددت فيها عدة شروط مسبقة يجب الإيفاء بها، لكن هكذا نوع من الرسائل عادة ما يتوقع لها أن تصدر من كيم جونغ أون نفسه، الأمر الذي أثار نقاشا من قبل المراقبين الإعلاميين حول مقدار الثقل الذي يمكن أن يمنحه العالم لبيان صدر عن الأخت الصغرى. 
في العام 2018 برز الاهتمام الدولي بها عندما أصبحت كيم يو جونغ، أول فرد من أسرة كيم الكورية الشمالية، تزور الجنوبية بصفة رسمية، اذ كانت جزءا من الوفد الكوري الى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، التي اقيمت في بيونغ تشانغ، وتنافس فيها البلدان كفريق واحد. بعد ما أثير حول انتصارها الدبلوماسي في الدورة الأولمبية، تنامى دورها بعد لقائها الرئيس الصيني شي جين بينغ، وحضورها اللقاءات الثلاث التي جمعت شقيقها مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
يكتنف طفولة كيم يو جونغ وحتى تأريخ ميلادها الغموض، فهي أصغر أبناء كيم جونغ إيل، الزعيم السابق لكوريا الشمالية من زوجته السابقة كو يونغ هوي، اليابانية الأصل، ولهذا كانت تعد من طبقة أدنى وفقا لنظام «سونغبون songbun»* المعقد في كوريا الشمالية. والتحقت كيم يو جونغ بذات المدرسة الخاصة مع شقيقها الأكبر في برن بسويسرا، لتدرس بعدها علوم الحاسوب بجامعة كيم إيل سونغ في بيونغ يانغ. 
 
دور حربي
مع اعتلال صحة كيم جونغ إيل في العام 2009، أصبحت مسألة خلافته موضوعا قابلا للنقاش بالرغم من أن عملية تهيئة كيم جونغ أون لتسلم مقاليد الحكم بعد وفاة والده بدت واضحة على نحو متزايد، لكن في جنازة والدها، ظهرت كيم يو جونغ وهي تقف الى جانب كبار أفراد الأسرة. تمت ترقية شقيقة الزعيم الكوري الى المكتب السياسي للحزب مرتين خلال السنوات منذ سنة 2017 وحتى الآن، فضلا عن تسلمها إدارة قسم الدعاية، الذي بصفتها فيه، عملت على تكريس الأهمية الشخصية المحيطة بشقيقها، فضلا عن إدلائها بتصريحات منتظمة حول علاقات بلادها الخارجية.
هناك اعتقاد بأنها متزوجة من تشوي سونغ، الابن الأصغر لتشوي ريونغ هاي، سكرتير حزب العمال الكوري، الأمر الذي منحها دفعة أخرى للنفوذ السياسي. لكن يبقى السؤال هنا هو، مقدار القوة الفعلية التي تمتلكها كيم يو جونغ، اذ يكشف موقف واحد حدث في حزيران من العام الماضي عن المدى الذي يمكنها من خلاله فرض إرادتها في بلادها. ففي ردها على إرسال منشقين شماليين في كوريا الجنوبية بالونات لإلقاء منشورات معادية للشمالية، حذرت الشقيقة من أنها أعطت أوامرها للقسم الخاص المسؤول عن الشؤون بين الكوريتين: «لتنفيذ وبحزم الإجراء التالي، وعما قريب، سنشهد مشهدا كارثيا بانهيار مكتب الارتباط المشترك بين الشمال والجنوب العديم الجدوى»، ليشهد اليوم التالي، فعلا، تفجير المبنى، كإشارة على انها عندما تعطي أمرا ما، فإنه ينفذ. 
ما يمكن أن يسلط الضوء أكثر على علاقات القوة الوثيقة بين كيم يو جونغ وشقيقها، هي حلقة أخرى مثيرة للاهتمام، ففي شهر آذار من العام 2020، أصدرت أول بيان رسمي لها، انتقدت فيه مكتب الرئاسة الكوري الجنوبي، أو ما يسمى بالبيت الأزرق، والذي دعا الشمالية الى وقف تدريبات الذخيرة الحية، وفيه أشارت الفتاة الى القيادة الكورية الجنوبية على انها «مجرد طفل» و»طفل محترق يخشى النار».
 
الشرطي الجيد 
لاحقا، أرسل الزعيم كيم جونغ أون، رسالة مواساة الى كوريا الجنوبية على خلفية اتشار فيروس كورونا فيها وهو: «ما يؤكد صداقته الراسخة ويقينه بالرئيس مون، مشيرا بأنه سيواصل ارسال رسائل التمنيات والدعم للرئيس الكوري الجنوبي لمواجهة هذا الأمر». أثارت تلك الرسالة حيرة المراقبين في كوريا الجنوبية حول ما اذا كان الشقيقان مختلفين حول علاقات الشمال والجنوب، أم ان الأمر كان مجرد استعراض لدبلوماسية «الشرطي الجيد والشرطي السيئ».
قد تبدو علاقة كيم يو جونغ بشقيقها الأكبر خاضعة للفحص والتدقيق تماما كالحالة الصحية لكيم جونغ أون عندما يتعلق الأمر بما اذا- أو متى- ستكون في منصب يمكنها من السلطة العليا للبلاد. ففي كوريا الشمالية، لتحقيق الهدف بتسنم القيادة، من الضروري أن تحكم القبضة على ثلاثي القوة وهم الجيش والحزب والشعب، وقد أصبح كل من كيم جونغ إيل وكيم جونغ أون  شخصيتين بارزتين في لجنة الدفاع الوطني-الجيش- الى جانب الحزب من خلال حزب العمال الكوري، الذين وسعا من عبادة الشخصية، مما منحهما فرصة الوصول الى الشعب. بالنسبة لكيم يو جونغ، فقد حققت شهرة بصفتها المتحدثة باسم العلاقات الخارجية ولها حق الوصول الى السلطة الحزبية، لكنها لم تحظ حتى الآن بمنصب عسكري، وإذا ما حصل ذلك، فقد يكون بمثابة علامة على أن كوريا الشمالية تتهيأ لأول زعيمة لها. * سونغبون Songbun: نظام سياسي واجتماعي واقتصادي في كوريا الشمالية، يضع الأفراد فيه وفقا لمستويات انتمائهم لحكومة البلاد ولحزب العمال الحاكم، الى جانب منحه امتيازات للمواطن، الذي من الدرجة الأولى سواء في الغذاء والتعليم والصحة.  
عن صحيفة الاندبندنت البريطانية