الأمانة لم تستجب.. والمرور تستعد لحملة توسيع الطرق

ريبورتاج 2021/11/02
...

  مصطفى منير
  تصوير: خضير العتابي
شهدت شوارع وأزقة وأرصفة العاصمة بغداد في السنوات الأخيرة، ظاهرة تحويلها الى مرائب غير رسمية ليس لديه رخصة من قبل أمانة بغداد، فضلا عن استغلال الشوارع الفرعية التي عادة ما تكون بالقرب من المحاكم والمستشفيات والمدارس والمطاعم والمحال التجارية، وبالتالي تتسبب في عرقلة حركة السير مع ارتفاع ملحوظ في تجمع المركبات في المناطق السكنية والتي جاءت بسبب زيادة السيارات واستيرادها وقلة المرائب الخاصة مع غلاء أجورها.
العميد الحقوقي عادل فياض في مديرية المرور العامة تحدث لـ «الصباح» قائلا بأن: «قلة الوعي المروري لدى بعض اصحاب المركبات ومخالفة الوقوف بشكل عشوائي يؤثران في حركة السير والمرور، خاصة في مراكز المدن التي تشهد حركة تجارية نشطة».
 ويرجح العميد عادل فياض بأن الأسباب التي أدت إلى عرقلة حركة السير هي دخول اعداد كبيرة من المركبات بشكل غير منظم، ما جعل رجل المرور امام مشكلة كبيرة وهي ان الطرق لم تعد كافية لاستيعاب هذه الاعداد، وكذلك قلة الأماكن المخصصة لوقوف السيارات، ما يضطر السائق الى ترك مركبته في الشارع العام حتى وإن كان يعلم بتلك المخالفة.
وفي ما يخص الغرامة المالية التي تفرض على المقصرين فتابع  قائلا:  «ان الغرامة هي مبلغ مالي قدره خمسون الف دينار وفي حالة تم دفع المبلغ خلال اثنين وسبعين ساعة تصبح خمسة وعشرين ألفا، اما اذا لم تدفع خلال شهر فتصبح الغرامة مئة الف دينار».
ونوه بأن ظاهرة وضع عوارض حديدية لأصحاب المحال التجارية على الأرصفة والشوارع هي ظاهرة غير حضارية وتشوه منظر المدينة، وليس من حق صاحب المعرض او المطعم او الفندق او غيرها أن يقوم بوضع العوارض لأنها تعرقل حركة السير، مؤكدا أن مفارزنا قائمة بواجباتها على اكمل وجه بفرض الغرامات واتخاذ الاجراءات القانونية التي من شأنها الحد من تلك المخالفات. 
 
مرائب عشوائيَّة
المتحدث باسم وزارة النقل حسين الخفاجي قال  لـ «الصباح» : «توجد ساحات لوقوف السيارات قرب المحاكم والمطاعم والمقاهي وبعض الأحيان في المناطق السكنية، وهي مرائب غير رسمية وليست لديها رخصة من أمانة بغداد، وبالتالي هنالك لجان ميدانية تكشف عن مثل هذه العشوائيات لمحاسبة المقصرين». 
الشاب أمير علي، صاحب مرأب عشوائي في إحدى مناطق الرصافة في بغداد، اقر قائلا بأن: «الظروف المعيشية الصعبة وخصوصا بعد جائحة كورونا وارتفاع سعر صرف الدولار والذي سبب ارتفاعا في أسعار المرائب الرسمية والمزايدات عليها، ما دفع بنا لإنشاء ساحة لوقوف السيارات قرب إحدى المحاكم».
ولفت الى أن اللجان التفتيشية التابعة لأمانة بغداد والعمليات المشتركة تأتي بين فترة وأخرى للمطالبة بالموافقات الأصولية، لكن بعضهم يأخذون المال مقابل السكوت عن المخالفات وعدم المطالبة بالتصريحات الرسمية.
بينما يستذكر المواطن حميد غازي (44 عاما) أن قبل أعوام تعرض أحد أقربائه لحالة سرقة في أحد الأماكن المخصصة لتجمع الأطباء في بغداد إذ يقول: «قبل سنوات أحد أقربائي ترك مركبته في إحدى ساحات وقوف السيارات، وطلب صاحب المرأب والذي استغل الأرصفة لإنشاء مرأب وهمي، أن يترك مفتاح تشغيل العجلة داخل السيارة، ليتفاجأ حين عودته بأن مركبته قد سرقت».
 
مزايدات ومرائب رسميَّة
وفي ما يتعلق بآلية المزايدة على المرائب الرسمية التقينا بمدير العلاقات والإعلام للشركة العامة لإدارة النقل الخاص حيدر الزبيدي الذي اوضح لنا بأن: «المرائب الرسمية تكون عليها مزايدات علنية تنشر قبل شهر من موعدها في الصحف الرسمية لغرض الإطلاع عن آلية التسجيل والشروط المطلوبة، ويدفع المستأجر تأمينات لدخول المزايدة، ثم يتم تشكيل لجنة من قبل الشركة العامة لإدارة النقل الخاص لغرض إتمام المزايدة بصورة صحيحة وعادلة». وبين حسين الخفاجي الناطق الرسمي لوزارة النقل:  أن هناك مرائب رسمية لكنها فارغة، فأغلب المركبات الكبيرة تقف في الشارع العام لغرض حمل الركاب ما يتسبب في عرقلة السير، وبالتالي هنالك إجراءات ليست بالمستوى المطلوب من قبل الجهات المعنية في بعض المناطق، فعندما تخرج المفارز المشتركة لمحاسبتهم وفرض غرامات مالية عليهم، بعد ساعات قليلة تعود المركبات مرة أخرى إلى الشارع الرئيس، تاركين المرأب  المخصص الذي من المفترض أن يكون فيه حمل الركاب، لذلك يجب أن تبقى المفارز المشتركة بصورة مستمرة في الطرق الرئيسة، لكي يتم القضاء عن هذه الحالة التي شوهت منظر المدينة وعرقلت حركة السير.
 
أسعار مرتفعة
المواطن طه سلمان (38 عاما) والذي يشكو من ارتفاع أسعار استخدام المرائب حدثنا قائلا: «ذهبت أنا وأسرتي الى احد النوادي الترفيهية في بغداد، وعند دخولي الى المرأب المخصص لوقوف المركبات الخاصة بزبائن النادي، تفاجأت عندما قال لي أمين المرأب بأن سعر المرأب يبلغ سبعة آلاف دينار للساعة الواحدة، ما دفعني الى ترك النادي والتوجه نحو المتنزهات العامة». ويسرد سلمان: «ناهيك عن ارتفاع الأسعار في مرائب الفنادق والتي تجاوزت عشرة آلاف دينار لليوم الواحد، بينما تكون الأسعار في المطاعم بين الخمسة آلاف أو عشرة آلاف دينار، وارجو من الجهات المعنية أن ترصد هذه الحالات لكي تحدد تسعيرة منخفضة نسبيا تناسب الواقع الاقتصادي».
 
أرصفة عامة وشوارع فرعية
ويذهب فلاح جاسم (32 عاما) سائق سيارة أجرة، الى القول بأن:  «بعض المطاعم استغلت الأرصفة العامة وجعلت منها ساحة لوقوف السيارات، ما يتسبب في نزول المواطنين للشارع العام وبالتالي تكون هنالك عرقلة في حركة السير، وعلى الجهات المعنية محاسبة كل من يستغل الأرصفة لأغراض مادية»، وزاد بأن «المحاكم التي تكون قريبة من المناطق السكنية، يتم استغلال ارصفتها والشوارع الفرعية القريبة منها لإنشاء ساحات وقوف السيارات وعادة ما تكون غير مرخصة».
 
زخم مروري
العميد حيدر كريم مدير العلاقات والإعلام لمديرية المرور العامة تحدث لـ «الصباح» فقال: «وقوف بعض المركبات قرب المحال التجارية أو المقاهي أو المطاعم أو أماكن أخرى للتسوق، هو وقوف ممنوع لانه يؤدي إلى تضييق الشوارع وبالتالي يسبب زخما مروريا، ونحن بدورنا نقوم بفرض غرامات على المركبات التي تقف بشكل ممنوع في أماكن غير مخصصة للوقوف بها، لكن في بعض الأحيان من الممكن أن يطلب المواطن من رجل المرور الوقوف لمدة دقائق مع عدم إطفاء محرك المركبة وهذه المبادرة جاءت بتوصيات من مدير المرور العام لغرض مراعاة الحالات الإنسانية الطارئة».
وعند طرح سؤالي في مكتب العميد حيدر كريم بشأن المرائب غير المرخصة التي انتشرت في الآونة الأخيرة أكد بالقول: «لا توجد مرائب رسمية على الطرق الرئيسة، لكن هنالك بعض ضعفاء النفوس ممن استغلوا المواطنين على أنهم أصحاب مرأب رسمي وبالتالي المواطن ينخدع بهم ويترك مركبته في الشارع العام اعتقادا بأن هذا المرأب رسمي وتابع لمحكمة أو مطعم او مستشفى، وبالتالي يقوم رجل المرور بقطع وصل مخالفة لكل من يقف في الشوارع الرئيسة، ويأتي صاحب المرأب الوهمي ليقوم برفع هذه الوصولات واما المواطن فهو لا يعلم بأنه تم تغريمه».
وأشاد كريم بالدور الذي تقوم به أمانة بغداد بالتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة لكشف مثل هذه الحالات وردع كل من يتجاوز على القانون. واختتم حديثه بالقول: «هنالك دراسات مستمرة بين مديرية المرور العامة وأمانة بغداد ودائرة الطرق والجسور ووزارة التخطيط لإطلاق حملة لتخفيف الزخم المروري ورفع السيطرات، وتوسيع الطرق وتضييق الجزرات الوسطية والأرصفة». 
 
مقترحات وحلول
لا توجد احصائية حقيقية لعدد السيارات في العاصمة بغداد الا انها قد تصل الى اكثر من اربعة ملايين مركبة، بالاضافة الى الدراجات وغيرها من وسائل النقل، وهذه الزيادة ترمي عاتقها على الشارع  البغدادي ما يتسبب في عمل اضافي لرجل المرور في تنظيم حركة السير، وفي الوقت الحاضر لا يمكن إيجاد حلول ما لم تكن هنالك ثقافة من قبل المواطن، وهي عدم ترك المركبة في الطرق الرئيسة والتشجيع على النقل الجماعي لأننا مقبلون على عام دراسي جديد.
وبشأن ذلك، اقترح العميد الحقوقي عادل فياض أن  تكون حركة التبادل التجاري خارج مركز المدينة، وفتح مرائب نظامية لوقوف السيارات مجهزة بكاميرات مراقبة وادخال معلومات عن كل سيارة تدخل المرأب، وكذلك عدم السماح لأي مستثمر بأن يشيد بناية اذا لم يكن هنالك مرأب يستوعب اعداد السيارات حتى لا تؤثر على حركة السير والمرور، مشدداً على ضرورة متابعة أمانة بغداد لاصحاب المرائب، والتأكد ما اذا كانت مؤجرة بشكل اصولي والاطلاع على المستمسكات التي تقدم من قبل اصحاب تلك المرائب، ومحاسبة العشوائيات وغلقها بالتنسيق مع لجان التجاوزات وقيادة العمليات المشتركة.
 
الأمانة لم تستجب
مسؤولون في أمانة بغداد رفضوا التعليق عن هذه الظاهرة، والصراحة لا اعلم لماذا تعامل معي مدير الإعلام في أمانة بغداد ببرود واهملني ما أخرنا في إتمام هذا الموضوع، رغم أننا جريدة حكومية ورسمية.