الديغوليون في ورطة ما قبل الانتخابات

بانوراما 2021/11/02
...

 كيم ويلشير
 ترجمة: خالد قاسم
ستجرى الانتخابات الرئاسية الفرنسية في نيسان من العام المقبل، ويجد اليمين التقليدي نفسه محاصرا بين المطرقة والسندان بدون مرشح ويواجه تهديدا وجوديا من الجانبين المنافسين. ففي اليمين المتطرف هناك مارين لوبين وإيريك زمور وهو محلل تلفزيوني يحب الحديث عن الهجرة والهوية والاسلام، ويريد منع الأسماء غير الفرنسية مثل «محمد». من جهة ثانية هناك الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يصف نفسه بالوسطي ويقترب من انتهاء فترة رئاسته الأولى، ويحتاج لكسب ود ناخبي يمين الوسط بهدف البقاء في السلطة. وينال زمور لقب «ترامب فرنسا»، وتقول استطلاعات الرأي أنه سيواجه ماكرون في المرحلة الفاصلة من التصويت.
أين يترك هذا حزب الجمهوريين الوريث التقليدي للجنرال ديغول و»فكرته المحددة عن فرنسا» الذي يواجه اتهامات زمور بأنه خان بطله وصار حزبا ضعيفا؟ وأظهر يمين الوسط خلال السنوات الماضية علامات الوحدة، وإن كانت هشة، في الانتخابات الرئاسية ومنها 2017 عندما شهدت تنافسا حادا بالجولة التمهيدية ووقف الحزب خلف فرانسوا فيلون وكان نجاحه مضمونا الى أن ظهرت فضيحة مدوية أطاحت به.
برز ماكرون فجأة بشعاره «لا يمين ولا يسار» وسحب الأصوات من الأحزاب التقليدية لكلا التيارين وحطم التناوب السياسي الذي شهد تولي الحزب الاشتراكي أو حزب يمين الوسط للرئاسة. لكن بعد خمس سنوات تقريبا فإن مرشحة الاشتراكيين عمدة باريس آن هيدالغو شعبيتها ضعيفة باستطلاعات الرأي، أما الجمهوريون فيسابقون الزمن لتوحيد صفوفهم قبيل التصويت، وجرى تأجيل استفتاء 80 ألف عضو بالحزب الى كانون الأول مما يعطي الفائز أربعة أشهر لتحشيد الناخبين.
مرشح محتمل
يقول الباحث السياسي الفرنسي جان إيف كاموس: «أعطى اليمين الفرنسي طيلة عقود من الزمن صورة الوحدة لكن توجد خلفها تصدعات قديمة. ويضم الجمهوريون أشخاصا ديغوليين بحق ومحافظين وحتى رجعيين، لكنهم مع الجمهوريين لأنه حزب كبير، ولديه هيمنة على اليمين ومن الصعب وجودهم بحزب آخر.» أما الخبير السياسي باسكال بيريناو فيقول إن الجمهوريين ما زالوا يعانون من انتخابات 2017 والانقسامات الداخلية. 
تعززت آمال الجمهوريين مؤخرا عندما أعلن الوزير السابق صاحب الشعبية الواسعة كزافييه برتراند مشاركته بالتصويت الحزبي ويعد أفضل فرصة لليمين المحافظ، ويواجه منافسة من ميشيل بارنييه مفاوض البريكست في الاتحاد الأوروبي.
لكن «نيزك زمور» يسلط الضوء على خطوط صدع الجمهوريين بين المحافظين المعتدلين مثل برتراند، الذي يفضل جرّ الحوار الى القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وأمثال بارنييه ممن يتبعون طريق زمور الشعبوي.
يتفق المحللون السياسيون أن الهجرة قضية تقلق الفرنسيين ويجب معالجتها، لكن لو بين وزمور ليسا الوحيدين الضاغطين باتجاه اليمين المتشدد بشأن هذه المسألة، إذ وعد بارنييه بصدمة كهربائية رسمية تشمل تعليق الهجرة ودورا مقيدا للمحاكم الأوروبية، و «سياسة الوطنية».
يتواجد نحو 40 مرشحا يمثلون كل ألوان الطيف السياسي في الانتخابات الرئاسية، لكن لن يتنافس جميعهم في نيسان، مع أن الأسابيع الماضي التي تسبق الحملة الانتخابية ركزت حصرا على قضايا اليمين المتشدد.
تمحورت المناظرات حول تصريحات زمور الاستفزازية القائلة إن الاسلام والهجرة يدمران فرنسا، ودفاعه عن نظام فيشي المتعاون مع النازيين وهجماته المبعثرة على الحركات النسائية والعرب والسود والمثليين.
التغطية الاعلامية التي يقدمها زمور غير مسبوقة ووصفتها هيدالغو بالمقرفة. ويعتقد أحد الصحفيين البارزين أن هدف زمور هو القضاء على الجمهوريين وحزب التجمع الوطني عبر تقديم نفسه «رجل العناية الآلهية» الأسطوري، لأنه يسد الفجوة السياسية بين اليمين المتطرف والوسط ويوقف الإنحدار الوطني الذي سلط الضوء عليه.
تبين آخر استطلاعات الرأي تفوق ماكرون الواضح في الجولة الأولى من التصويت، ويأتي بعده زمور ولو بين بفارق عشرة بالمئة. ويحتاج الجمهوريون لاستعادة ثقة الناخبين الذين خسروهم قبل خمس سنوات لصالح ماكرون حتى يقتربوا من الجولة الثانية، وهم الناخبون المستهدفون نفسهم من قبل ماكرون.