حكايات الوفاء في مهنة الصحافة

منصة 2021/11/03
...

 محسن حسين
 
من أفضل صفات الإنسان وفاء الصديق لصديقه، والزميل لزميله وقد تجلى ذلك في عملنا الصحفي.
ومن باب الوفاء أشعر شخصياً بفخر أنَّ أبناء وكالة الأنباء العراقية (واع) وبنات مجلة ألف باء أوفياء لبعضهم البعض. وكذلك الوفاء في الوكالة الوطنية العراقية للأنباء نينا، وقد لمست ذلك الوفاء في هذه المؤسسات ولي شخصياً من جميع الذين عملوا فيها خلال عملي الصحفي معهم أو بعده.
عندما جئت الى بغداد عام 2018 تجمع نحو 30 من أبناء {واع} في منزل زميلنا د. نوري التميمي ليرحبوا بي ويسترجعوا مع بعضهم البعض ذكريات العمل والصداقة. وأذكر أنَّ صفة الوفاء أقدم من ذلك وفي ظروف تجعل الوفاء من أجمل صفات الإنسان وأكثرها تأثيراً.
يوم 9 تشرين الثاني 1972 كنت في برلين، وكان يوماً كئيباً، بعيداً عن الوطن والأهل والأصدقاء والزملاء مغضوباً عليَّ من أعلى سلطة في البلاد رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر منقولاً من {واع} التي كنت أحد مؤسسيها ومهدداً بالفصل لا أعلم ما يكون مصيري عند العودة الى بغداد في ختام المنحة الدراسية التي رشحتني لها نقابة الصحفيين العراقيين في كلية التضامن الألمانية.
بعد ساعات (مع فرق الوقت ساعتين بين برلين وبغداد) وكنا نناقش مع الأساتذة الألمان المصداقية في الأخبار استدعاني عميد الكلية وسلمني برقية من وكالة الأنباء العراقية أزالت كل همومي وجعلتني أسعد خلق الله.
ذلك اليوم كان ذكرى تأسيس {واع} وكانوا في واع يحتفلون بالمناسبة في غيابي. لكنهم أبوا إلا أنْ يتذكروا زميلهم فبعثوا برقية لي (ما زلت أحتفظ بها) تحمل تهانيهم رغم علمهم بما حصل لي وإبعادي عن {واع} بقرار من أعلى سلطة في البلاد.
تقول البرقية: من {واع} الى محسن حسين معاون المدير العام لوكالة الأنباء العراقية. بمناسبة الذكرى 12 لتأسيس واع نرجو قبول أخلص التهاني للجهود التي بذلتموها لتطوير الوكالة. التوقيع: موظفو التحرير.
ومن الوفاء لا بُدَّ أنْ أذكر أحد أبناء {واع} البررة الزميل د. فريد ايار الأمين العام لاتحاد وكالات الأنباء العربية، فقد دعاني في الكثير من اجتماعات الاتحاد عضواً في وفد الاتحاد في مؤتمراتها ومنها جيكوسلوفاكيا والمكسيك والمغرب وسوريا والعراق.
وفي هذا العام تفضل العاملون في {واع} الجديدة التي أسست ضمن شبكة الإعلام العراقي فأرسلوا لي وأنا في لبنان، كيكة ودرع الوفاء بمناسبة يوم ميلادي في حزيران الماضي. 
أما في مجلة الف باء التي عملت فيها ربع قرن فأنا أعتز جداً بزملائي الذين ما زالوا يكلموني وأذكر منهم بشكل خاص حسن العلوي وكامل الشرقي وشامل عبد القادر وحسن العاني وخضير الحميري.
وبعد ذلك وكالة نينا وكنت أحد مؤسسيها عام 2005 وما زالت قائمة حتى الآن في عهدة نقابة الصحفيين بعد أنْ تركتها قبل 10 سنوات ولا يمر يوم من دون أنْ يكلمني مؤسس نينا د. فريد ايار أو رئيس تحريرها حاليا حافظ الراوي.
وكان آخر عمل لي 4 سنوات في مؤسسة عراقية وكالة كل العراق (اين) قبل أنْ أتقاعد نهائياً عام 2016 وأعتز بصداقتي للزميل رئيس التحرير كاظم العطواني والزميل عمار المسعودي.
وأنا أزخف نحو التسعين أشعر بالفخر لما لقيته من وفاء الزملاء الذين عملت معهم طوال 65 عاماً. شكراً للجميع.