طباع وعادات

الصفحة الاخيرة 2021/11/04
...

حسن العاني 
يزعم علماء الاجتماع بأن لكل انسان (طبيعة) خاصة ينفرد بها وان كانت تشبه طبيعة انسان آخر بهذا القدر او ذاك، والمقصود بالطبيعة هنا (عادة) او سلوك معين غالباً ما يجري بصورة لا ارادية، فهناك من يردد في كلامه مفردة بعينها عشرات المرات مثل ( يعني – قطعاً – تمام – ها عيني – شوف ...الخ)، وهناك من الرجال من لا تفارق اصابعه شاربه، وهناك من النساء من لا تفارق الابتسامة وجهها حتى وهي تتحدث عن طلاقها من زوجها، وامر بديهي ان من تلك السلوكيات ما هو غريب جداً، وما هو لطيف مستحب، وما هو سيئ مزعج، وقد تنبه عميد الشعر العربي ابو الطيب المتنبي الى ظاهرة الطبع والطبيعة فقال بيته الشعري المشهور (لكل امرئ من دهره ما تعودا – وعادات سيف الدولة الطعن في العدا)، ومن المفيد التنويه الى ان السلوك العفوي للانسان سواء كان مقبولاً ام مذموماً، فانه لا يدل على هوية صاحبه اي لا علاقة له بتكوينة ابن آدم وفكره وثقافته، فالوجه العابس الذي لا تعرف الضحكة طريقاً الى شفتيه لا يعني بالضرورة انه شرير او سيئ، والعكس صحيح..
احد اصدقائي محسوب على شريحة المثقفين، فهو قارئ جيد ومتابع للاحداث وسلوك حضاري متميز، ولكن العادة التي غلبت على سلوكه هي محاولته الخروج على الاجماع، وما نتفق عليه في جلساتنا ومجالسنا، والانفراد بما يراه هو فقط، وان كانت الوقائع والدلائل ليست معه!، يحضرني الان وانا اصف شخصية هذا الصديق الذي احترمه، اننا ذات مساء كنا على عادتنا اليومية نجلس في مقهى الطرف، وكان ذلك بعد الانتخابات البرلمانية بعدة اسابيع، وعلى رائحة الشاي المهيل وفوضى الدومينو وصخب الشباب، كنا نتنقل بين احاديث مفتوحة، ولكن الانتخابات ـ- والضجة الاعلامية والسياسية التي رافقتها، بحيث انشغل الرابحون وغير الرابحين بمعطياتها انشغالاً غير مسبوق في تاريخ العراق – تسيدت الجلسة، وادلى كل منا بدلوه واتفقنا على ان الاطراف المشاركة جميعها، بغض النظر عن النتائج والمواقف من الانتخابات، قد خدمت الشعب خدمة عظيمة، لأنها عززت وعيه ومساره 
الديمقراطي!.
صديقنا لم يشاركنا في النقاش، حتى اذا انتهينا قال أسالكم سؤالاً واحداً، هل سمعتم او رأيتم ان البرلمانيين ورجالات الطبقة السياسية قامت لهم قائمة او ضجة او انشغلوا يوماً واحداً بمشكلات العاطلين ولقمة الفقراء وفيما واصل حديثه بطلاقة، تسللنا بهدوء وصمت وغادرنا المقهى بأقصى
سرعة!.