اليوم.. حلب تودع قدّها

الصفحة الاخيرة 2021/11/04
...

 بغداد: نوارة محمد
يشيّع اليوم الخميس في مدينة حلب، جثمان المطرب السوري الكبير صباح فخري، إذ اوصى ان يدفن الفقيد في مسقط رأسه، تلك المدينة التي كان الراحل حارس تراثها الأمين، صاغ من قدودها قلائد نفيسة وشح بها الغناء العربي الرصين، وأعاد للموشحات بريقها واضفى للقصائد ديمومتها، ويغني كمن يرسم شريط ذاكرة اعوام المدينة وخلودها، كان يدهش كل من يصغي اليه، ليس بصوته الأخاذ فقط، بل حضوره الشخصي اللافت للانتباه وإيماءات جسده حين تتراقص الأغنيات على شفتيه. 
 
اعاد للطرب اصالته ونفض عن التراث غبرته، من أغنية لأغنية ومن مقام لآخر، حينما يداهمنا صوته، نحاط بعوالم تشبه السحر، وتتراءى للعاشقين صوراً مضمخة بالوجد والصبابة، تنساب من جسد اغانيه التي اقساها خبر الرحيل. 
صباح ابو قوس الذي اكتشفه فخري البارودي في خمسينيات القرن الماضي حتى نسب له اسمه، أسس معهداً فنياً في مدينة حلب، (معهد صباح فخري للموسيقى والغناء) في محاولة منه لانعاش الذاكرة العربية بالمقامات وديمومة الحياة لتراث الاغنيات، ويدرس فيه الطلاب بغض النظر عن العمر والشهادة ليعلم الغناء والموسيقى واللغة العربية والتجويد لثلاث سنوات. 
نعاه الموسيقار نصير شمة، بحروف باكية قائلا: {العملاق صباح فخري قال لنا وداعا، ولأننا دائما نكتب قصص البطولات فلقد كتبته مخيلتي بطلا لا يموت، لا اصدق ولا اريد أن اصدق، العمالقة تمتد حيواتها لأجيال وأجيال}. 
بينما عَبّر الموسيقي زياد الوادي عن حزنه الشديد موضحاً {آخر ما تبقى من خمرة الحب وآخر مواويل الشام وآخر من ملأ الدنيا بشدوه يحلق بعيداً ويغادرنا الى رب رحيم}.
رحل المعلم الكبير صباح فخري، لكن قدوده ستظل عالقة بأردان الكثير من الأغنيات التي سنعيد سماعها حتما، الحديث عن الموسيقى قد ينتهي، لكن وجع فقدها سيظل ندبة في اركان وزوايا مسارحها، وداعا سنديانة حلب وشمس اغانيها التي
لا تغيب.