الكتابة بلغة الناس!

الصفحة الاخيرة 2021/11/06
...

جواد علي كسار
 
يُؤثر عن الأقدمين قولهم في جودة النص، إنه ما يفهمه عامة الناس، ولا يعترض عليه الخواص من أهل العلم والمعرفة والاختصاص.
وهذا التوصيف بالضبط، هو ما ينطبق على جزء غير قليل من كتابات الراحل العلامة حسن حنفي. فما بين العامين 1988ـ 1989م أصدر مشروعه الضخم: «الدين والثورة» وقد اكتمل في ثماني مجلدات.
لقد عالجت هذه الموسوعة عشرات بل مئات القضايا المهمّة، ضمن ثمانية محاور أساسية، جاء كلّ واحد منها عنواناً لكتاب مستقل، وعناوين الكتب الثماني التي تؤلف المجموعة، هي: الدين والثقافة الوطنية، الدين والتحرر الثقافي، الدين والنضال الوطني، الدين والتنمية القومية، الحركات الدينية المعاصرة، الأصولية الإسلامية، اليمين واليسار في الفكر الديني، وأخيراً كتاب: اليسار الإسلامي والوحدة الوطنية.
حقيقة الأمر لم يكن أغلب هذه الموسوعة، على أهميتها في الثقافة الاجتماعية، سوى مجموعة من الكتابات التي قدّمها حنفي إلى الصحافة داخل مصر وخارجها، كانت الغاية منها: «مخاطبة الجماهير العربية والتوجّه لها مباشرة» كما ذكر حنفي في مقدمة الجزء الأول، ورغبة منه: «في الوصول إلى الجماهير الواسعة» كما أوضح ذلك في موضع آخر.
يعتقد حنفي أن واحدة من أهمّ وظائف المفكر والعالِم والفيلسوف، هي الشهادة على العصر، وقد أوضح أن موسوعته: «الدين والثورة» هي جزء من شهادته على عصره. من الوجهة المنهجية يعطينا حنفي تصوّراً رباعياً للكتابة، منها ما يكون للنخبة المتخصّصة، ثمّ الكتابات التأسيسية التي يطلق عليها وصف التكوينية، والكتابة نصف المتخصّصة، وأخيراً الكتابة العامة الموجّهة إلى الجماهير من أجل بلورة وعيها السياسي، بعيداً عن تزييف الإعلام، كما ذكر ذلك نصاً في كتاب آخر من عيون كتبه، هو: «في الثقافة السياسية».
الكتابة الميسّرة التي تأتي في خط موازٍ لكتابات النخبة المتخصّصة، هي فن ومهارة عندما ننظر إليها انطلاقاً من «مهارات» الكتابة، لكنها واجب ورسالة تقع على عاتق العالِم والمفكر، عندما نتعامل معها من واقع المسؤولية، علماً بأن اليسر لا يعني التسطيح، بل هو مقابل التقعّر والتعقيد المتكلّف!.