المناخ يتغير.. ماذا عنا؟!

منصة 2021/11/07
...

ميادة سفر
«كفى لانتهاك التنوع البيولوجي، كفى لقتل أنفسنا بالكربون، كفى للتعامل مع الطبيعة كمكب قمامة، كفى للحرق والحفر والاستخراج من أعماق أكبر، إننا نحفر قبورنا بأنفسنا» بهذه الكلمات خاطب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش قادة العالم المجتمعين في غلاسكو لمناقشة أزمة التغير المناخي التي باتت تهدد بفناء البشرية إنْ استمرت الحال على ما هي عليه.
في واحدة من حفلات النفاق التي يجتمع فيها قادة العالم الحاكمون والمتحكمون في الأرض، اجتمعوا ليناقشوا مشكلة كانت دولهم المساهم الأكبر فيها وفي تفاقمها، غير أنّ أياً منهم لم يكلف نفسه وهو يتجه لعقد قمة المناخ أنْ يبادر ولو بتصرف بسيط يشي باستعداده لمكافحة التغير المناخي والتخفيف من آثاره، لكي يصلوا إلى حيث تعقد القمة استخدم أولئك القادة أكثر من 180 طائرة خاصة، حاملين معهم سياراتهم وأدوات تتطلبها حمايتهم الشخصية، متجاهلين كمية الانبعاثات السامة التي رافقتهم جراء ذلك.
ها هو الرئيس الأميركي - الذي سبق وانسحب سلفه دونالد ترامب من بروتوكول كيوتو واتفاق باريس للمناخ - تسير في موكبه أكثر من 85 سيارة مرافقة تنفث ما تيسر لها من عوادم تغلف الجو الذي اجتمعوا فيه، ويمكننا القياس على ذلك بالنسبة للقادة الآخرين، قائلاً: «إننا نجتمع والتاريخ يراقبنا، كل يوم نماطل فيه تزداد كلفة التقاعس» إنه كلام جميل يثير المشاعر ويؤجج الأحاسيس لكنه لا يعدو أنْ يكون حبراً على ورق إنْ لم يتحول إلى أفعال، لا ندري إلى أي مدى يلقي الأميركي وغيره من قادة العالم بالاً للتاريخ وهم الذين لن يكونوا موجودين أقله في السلطة بحلول العام 2050 الموعد المرتقب للوصول للحد اللازم من انخفاض الانبعاثات الدفيئة، تساؤل سيبقى برسم التاريخ الذي كان حاضراً في أغلب كلمات الرؤساء والقادة.
لم تكن الأجيال القادمة ومستقبل البشرية يوماً ضمن حسابات واهتمامات القادة السياسيين الساعين دوماً وفقط إلى زيادة أصوات ناخبيهم التي تضمن بقاءهم في السلطة، بعد سنوات من الفيضانات التي أغرقت المدن وقتلت العشرات، فضلاً عن الحرائق التي التهمت آلاف الهكتارات من الغابات في غير بلد، هذا غيض من فيض مما يحصل على كوكب الأرض، هذا مع تغاضينا عن الحروب المتكاثرة التي يمولها القادة المجتمعون أنفسهم في غلاسكو، فعن أي مستقبل يتحدثون؟
منذ القرن التاسع عشر ومصانع الدول الصناعية تدور مطلقة غازاتها السامة باعتراف منها وإقرار بأنها من جنى على هذا الكوكب وسكانه، محاولين اليوم التكفير عن الذنوب التي ارتكبوها، بدفع كفارة تنجيهم من نار التاريخ وجحيمه، لكن ما قيمة مليار دولار رصدت أمام جحافل الفقراء التي تزداد كل يوم؟، أمام الكوارث الطبيعيَّة التي لا تبقي ولا تذر؟ ما نفع مليارات الدولارات لمساعدة بلد هنا مقابل تدمير بلاد هناك وقصفها بشتى أنواع الأسلحة؟
اليوم تدق نواقيس الخطر في العالم، بعد أنْ بات الغلاف الجوي مليئاً بغازات سامة تهدد بفناء الأرض وأهلها، أصوات تملأ الكون مطالبة بالحد من الانبعاثات وتخفيف حرارة الأرض، أصوات تنادي بضرورة البدء بنمط حياة جديد يحافظ على ما بقي من هذه الأرض التي تستحق البقاء والحياة، قبل أنْ يأتي اليوم الذي يدرك فيه أصحاب المال والسلطة أنهم عاجزون عن إنقاذ أرواحهم وشراء حياة.