ثقافة الثروة

الصفحة الاخيرة 2021/11/13
...

جواد علي كسار
من الصعب التشكيك بدور الثروة في نمو المجتمع ونهضة البلاد، لولا تلك الثقافات الخاطئة التي تضلّل الإنسان المسلم في بلاد المسلمين، وتقلل من شأن المال واستصلاحه وصناعة الثروة وإنمائها، وهي تفعل ذلك باسم الدين غالباً، والأغرب من ذلك بمفارقات مذهلة بين حياة بعض هؤلاء الدعاة المتخمة بالثروة والرفاه والراحة، وبين دعاوى الزهد التي ينثرونها على رؤوس عامّة الناس!.
يحصل ذلك برغم أنّ الثروة، هي من ملازمات النوع الإنساني، بصرف النظر عن الأديان والايديولوجيات والثقافات الناشئة عنها، وهي من العناصر العامّة التي تتجاوب مع حقيقة الإنسان وبنيته الوجودية.
مع ذلك دعونا نمرّ على بعض النصوص حيال الثروة والمال مما ينتمي للإسلام، لننظر كيف يبتعد سلوك المسلمين ومواقفهم عن هذه الثقافة ومنطلقاتها الثابتة. في الحديث الشريف: «احتفظ بمالك، فإنه قوام دينك»، أيضاً: «لا خير في من لا يحبّ جمع المال من حلال، يكفّ به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه». كما فيها، أنّ الثروة تعين على التقى: «نِعمَ العون على تقوى الله الغنى»، ومن النصوص ما يربط بين الثراء والازدهار الاقتصادي وظهور الفضائل في المجتمع: «مع الثروة تظهر المروءة» و «العلم والمال يستران كلّ عيب، والفقر والجهل يكشفان كلّ عيب»، وما يصف المال أنه شرف الدنيا «شرف الدنيا الغنى»، «الحسب الفِعال، والشرف المال».
هذه لوحة سريعة قد زانتها نصوص وضيئة، إلى جوارها لوحات تكميلية تنصّ على أهمية استصلاح المال، أي صناعة الثروة وتنميتها، وتحذّر مما يضرّ بالمال، وتحثّ على التدبير وكلّ ما له دور في تراكم المال، مع ذلك يأتي من يناقش بأهمية الثروة في بلدنا وبلاد المسلمين، متذرّعاً بالزهد الكاذب، أو مستنداً في بثّ ثقافة وهمية زائفة عن فضيلة الفقر، إلى نصوص لا تصمد في البحث السندي، ولا يقوم لها وزن في الدلالة.
لا نهضة لإنسان العراق وبلده، من دون العناية 
الجادّة بثقافة الوقت والعمل وصناعة الثروة والقضاء على الفقر.