مطالبات شعبية بمراقبة السوق وحماية المستهلك

ريبورتاج 2021/11/14
...

 نافع الناجي
 تصوير: خضير العتابي
يشكل (البيض) أحد أهم الوجبات الأساسية على موائد العراقيين، وفي المدة الأخيرة باتت تتلاعب به بورصة الأسعار بدولابٍ يصعد باتجاهٍ واحد، ليقفز سعره الى حدود سبعة آلاف دينار للطبقة الواحدة وربما يجتازه قريباً مالم تظهر معالجات واضحة من وزارة الزراعة والجهات المختصة. 
ووسط تساؤلات المواطنين واستغرابهم لهذه (الطفرة السعرية) ومن يقف وراءها، بالنظر لتأثيراتها السلبية عليهم، لاسيما ذوو الدخول البسيطة والمحدودة، كانت لـ {الصباح} هذه الجولة في أسواق الجملة بمنطقة {جميلة} ومع المربين، فضلا عن آراء اقتصادية تخص الموضوع.
 
لا وجود للمنافسة
لقاؤنا الأول كان في سوق الجملة لنتعرف على أبعاد هذه المشكلة، يقول التاجر حسنين محمد عمران، إن {بداية الأزمة انطلقت منذ اغلاق الحدود بوجه المستوردين، الأمر الذي جعل أصحاب حقول تربية الدجاج البيّاض ينفردون في تحديد الأسعار من دون وجود الضوابط التي توقف الارتفاع الواسع}، مضيفاً {يضاف على ذلك عدم المنافسة بالأسعار بين الشركات المنتجة، ما رفع من سعره في أسواق الجملة وينتقل بعد ذلك الى المحال التجارية، حتى يصل بشكله النهائي الى المواطن}. 
التاجر قاسم كاظم يوضح {صحيح ان سعر الطبقة هو سبعة آلاف دينار، لكنه في كردستان بألفين وخمسمئة دينار فقط}، مضيفاً {الموّرد حين يوصل بضاعته لنا يقول إن السيطرات تأخذ رسوماً وأموالاً من عندنا، فضلاً عن أجور الشحن والنقل لتصل الينا بسعر متضخّم يناهز ستة آلاف أو أكثر، فيضطر تجار الجملة لبيعها بسبعة آلاف دينار لتغطية مصاريف المخازن والإيجارات والعمال والفواتير والضرائب وغيرها}. 
 
بورصة الأسعار
أما تاجر اللحوم والألبان والبيض عباس خزعل فيشير الى أن {مفارز الأمن الاقتصادي دائما ما تأتي لمحاسبتنا وتسأل لماذا الأسعار مرتفعة وما السبب؟}، ويضيف {السبب الرئيس تجدونه عند الحقول وكبار المربين والمخازن الرئيسة التي تتحكم ببورصة أسعار البيض وليس نحن من يتحكم بسعره، فنحن نتعامل مع وصل رسمي بسعر الشحنة الواصلة لمخازننا ونضيف عليها هامشا ربحيا بسيطا لا أكثر وليس بأيدينا حل لهذه المشكلة}.
المواطن إبراهيم الخفاجي، يقول ان {الحل الوحيد والمناسب والأمثل لجعل هذه الأسعار تعود كما كانت هو السماح للبيض المستورد بدخول السوق ليصبح منافساً للإنتاج المحلي، حينها سيتم كبح الجشع المستوطن في النفوس} حسب تعبيره. 
أما المواطن سامي عبد الرضا، فيقول {انا رجل متقاعد وراتبي محدود، ولم يعد بمقدوري تلبية كل الطلبات اليومية للمنزل} ويضيف {لم يقتصر الارتفاع على مادة البيض وحسب بل شمل الخبز ومختلف منتجات اللحوم والأسماك أيضاً}، متسائلاً {لماذا تقف الأجهزة الحكومية والرقابية مكتوفة الأيدي أمام اخطبوط الأسعار من دون معالجات؟}. 
 
غياب الدعم
المربي ماجد عبد الكريم يقول {في ظل إحجام وزارة الزراعة عن دعم أصحاب الحقول وكفّ يديها عن تقديم الأعلاف والعلاجات البيطرية واللقاحات اللازمة، نضطر الى شرائها مستوردة من الخارج، ما يضيف كلفاً اضافية الى سعر المنتوج}، لافتاً الى {أهمية دعم مشاريع الدواجن وبيض المائدة ومنتجات اللحوم والأسماك الوطنية، لأنها تمس الأمن الغذائي للبلد ومكافحة التهريب الذي يتم من خلال منافذ عبر اقليم كردستان}.
أما الدكتور حميد النايف المتحدث باسم وزارة الزراعة، فقال {افتتحنا بعض الساحات لاستقبال شحنات كبيرة من البيض القادم من إقليم كردستان كإحدى المعالجات التي تضعها وزارة الزراعة لايقاف ارتفاع الأسعار}، مضيفاً {نسعى لحماية هذا القطاع ولدينا اتفاق مع الأخوة العاملين بالدواجن وكذلك مع محافظات كردستان بدخول منتجات الإقليم من الدجاج والبيض المحلي فقط، لأننا لا نريد فتح الاستيراد لقطاع الدواجن، لأننا إذا فتحناه سينهار هذا القطاع بالكامل وبالتالي يسرّح ملايين العمال، فضلاً عن خروج العملة الصعبة لخارج البلد}. 
 
لجان وآليات متخصصة
من جهته، طالب الخبير الاقتصادي مقدام الشيباني وزارة الزراعة بإيجاد آلية تحافظ على التوازن بين الطلب والمعروض في جميع المواد الغذائية الرئيسة بما فيها بيض المائدة.
وقال الشيباني، إن {حاجة السوق العراقية إلى بيض المائدة تقترب من 6 مليارات بيضة سنوياً في وقت لا يتجاوز الانتاج المحلي فيه حاجز الـ 1.1 مليار بيضة}، مشيراً إلى أن {نسبة العجز تصل إلى 80 %  ، الأمر الذي اسهم في وصول سعر طبقة البيض إلى سبعة آلاف دينار}، وأضاف، إن {المساحات المزروعة بالعلف هي 15 الف دونم فقط، في حين يحتاج قطاع الدواجن إلى 1.3 مليون طن سنويا من الأعلاف أي ما يوازي مليون دونم زراعي}، مشددا على {ضرورة دعم زراعة العلف في العراق وتوفير الوقود المدعوم لأصحاب حقول الدواجن}. 
وختم الخبير الاقتصادي المهتم بأسس التحولات في الاقتصاد العراقي، بالقول، إن {سعر السبعة آلاف لطبقة البيض الواحدة يعد كبيراً ولا يتناسب مع القدرة الشرائية لشرائح واسعة من العراقيين، وهو يفوق سعر المادة في دول مجاورة}، لافتاً الى أن {الحل يكمن في تشكيل لجنة اقتصادية لدراسة حجم المعروض السلعي وتحديد كميات الاستيراد اللازمة لخلق التوازن السعري المطلوب وحماية المستهلِك والإنتاج المحلي في الوقت ذاته}.