العناية الطبية وفوارق الخاص والعام

ريبورتاج 2021/12/08
...

 احمد الفرطوسي
يحتدم التنافس بين المستشفيات الحكومية التي تعتمد أصلا على أطباء يعملون في القطاع الخاص، والعيادات الخاصة التي يديرها الأطباء أنفسهم في القطاع الحكومي، وسط نقص حاد في الأدوية والعلاجات والمستلزمات الطبية الضرورية؛ فبين هذا وذاك يقع المرضى، وجلهم من الوسط الفقير أو المعدم، تحت طائلة الطبيب.
مواطنون يشكون من إهمال الأطباء لهم في المستشفيات الحكومية، واستيعابهم في العيادات الخاصة، من دون رحمة أو إنسانية، برغم توفر المختبرات والأجهزة الحديثة في المؤسسات الحكومية. أطباء ومسؤولون، يعتبرون ذلك، حالات فردية لا يمكن تعميمها على جميع الأطباء، ملقين باللوم على آلية النظام الصحي في البلاد، الذي يجمع بين القطاع الخاص والعام، وإن الحل يكمن بفصل القطاع العام عن القطاع الخاص.
 
أطباء بلا خبرة
ويقول المواطن يوسف رحيم ناصر: «تبدأ معاناة المريض من ردهة الطوارئ، التي تشهد زخماً كبيراً من المرضى، يقابله إرباك للعمل من قبل الأطباء، لاسيما الجدد منهم، الذين يقذفون بهم في أصعب مكان، يمكن إسعاف المريض فيه، والذي يشترط وجود أقدم الأطباء فيه وأبرعهم، ولجميع الاختصاصات»، منبهاً إلى «أن هذه الردهة التي تتلقى أخطر الحالات، تفتقر إلى وجود طبيب استشاري واحد، أو طبيب مختص، بينما يتم الاعتماد بالدرجة الأولى على الأطباء الجدد، عديمي الخبرة، ومن ثم على طبيب أقدم، يعجز عن معالجة جميع الحالات المرضية، لاسيما الخطيرة منها، كما أنه من الخطأ بمكان الاعتماد على هذا الطبيب المقيم في كل
الحالات».
ويضيف ناصر، في حديثٍ لـ «الصباح»: «يلجأ الطبيب المقيم في حالات خطيرة جداً، إلى الاتصال بالطبيب المختص، وهذا نادر، وإذا حصل فهو يستغرق فترة زمنية على حساب حياة المريض؛ ففي وقت المساء يكون الطبيب المختص مشغولاً في عيادته، أما في الليل، فيكون في
مسكنه». 
متابعاً القول: «أما في ردهة العناية المركزة، أيضاً لا يوجد طبيب مختص، سوى طبيب مقيم يشرف على كل الحالات، وفي حال قدوم طبيب مختص لحالة معقدة، فإنه يلقي نظرة على المريض
ويغادر».
 
غلظة في التعامل
 ويقول عبد الخالق العذاري، وهو إعلامي ومراقب، في حديث لـ «الصباح»: «هناك تباين واضح بين واقع المستشفيات الحكومية ومنافساتها أو غريماتها من المستشفيات الأهلية أو العيادات الخاصة، سواء كان على مستوى الخدمات الطبية المقدمة أو التعامل الأخلاقي وانعكاساته النفسية على حالة المريض». 
موضحاً «ما إن تلج المستشفى الحكومي وتستوي قائماً أمام الطبيب، حتى تستشعر بانحطاط كرامتك، بسبب غلظة التعامل، خلافاً للمستشفى الخاص أو العيادة الخاصة، مع أن الجوانب العلمية والفنية، قد تفتقر إليها عموم مستشفياتنا، بسبب سوء التنظيم وضعف سياسة وزارة الصحة في كيفية التعامل مع أهم مفصل في حياة الإنسان».
الدكتور رائد أبو كلل، مسؤول وحدة الأخلاقيات الطبية في رئاسة صحة المثنى، يقول، لـ»الصباح»: «يضم مستشفى الحسين التعليمي، ستة طوابق عامة وطابقاً واحداً خاصاً، وإن العمليات الجراحية، تجرى في العام والخاص، بالمستوى والخدمات نفسها». 
مشيراً إلى «أن المستشفى تجري فيه عمليات جراحية مختلفة وبأرقام كبيرة جداً، إذا ما قورنت بالخاص، والبعض منها نادرة
وكبيرة».
 
استهجان 
ولفت إلى «أن مراجعة المرضى للاستشارية في المستشفى العام، بأعداد كبيرة جداً، تفوق طاقة وقابلية الطبيب، اذ يكون التشخيص غير دقيق، ما يضطر الطبيب لتوصية أو توجيه المريض بضرورة مراجعة العيادة الخاصة». 
منوهاً إلى «أن عدداً غير قليل من المرضى، يستهجنون مراجعة العيادات العامة والمراجعات المجانية». وهوّن المدير العام لصحة المثنى د. باسل صبر، مما يشاع عن القطاع العام من قبل المواطنين، في حديثٍ خصّ به «الصباح» بالقول: «لا شك أن الخدمات الصحية مكفولة وفق الدستور، وان لدينا خمسة مستشفيات في المحافظة، أربعة منها تجرى فيها عمليات جراحية، كبرى، مثل: (مستشفى الحسين التعليمي، ومستشفى الولادة للأطفال، ومستشفى الخضر، ومستشفى الرميثة)، وجميعها تقدم خدمات مجانية
للمريض». 
مشيراً إلى «أننا لو أخذنا بنظر الاعتبار، مسألة (تكلفة المريض)، فسنجد أمامنا إنفاق أرقام مالية كبيرة، بغية تأمين الخدمة الصحية للمواطن في المحافظة، إذ إن هذه الخدمة لوحدها تكلّف المؤسسة حوالي (70) مليار دينار، وتشمل: الرواتب، أجهزة السونار، الأشعات، الكهرباء، الماء، الصيانة...الخ».
وختم المدير العام لصحة المثنى، بالقول: «إذا ما عزمت الحكومة على تصحيح جدلية التقاطع بين القطاع العام والخاص، يتوجب عليها تغيير النظام الصحي، إذ يكمن العلاج بفصل القطاع الخاص عن القطاع
العام».