يستعد مجلس النواب خلال فصله التشريعي الثاني الذي انطلق أمس السبت، لمناقشة قانون جرائم المعلوماتية، وسط جملة مخاوف أثارتها المنظمات الحقوقية التي عدّت هذا القانون مقيّداً للحرية الشخصية، بينما أكد مشرعون أن القانون حال إقراره سيحمي الحريات وينظمها ولا يقيدها بعكس ما يشاع.
عضو مجلس النواب عن اللجنة القانونية صائب خدر، أوضح أن قانون جرائم المعلوماتية لم يعرض بعد على اللجنة القانونية، مشيراً إلى أنه في حال عرضه ومناقشته في اللجنة فسيكون لها موقف يتناسب مع الشارع بما يضمن الحريات والتعبير عن الرأي.
وقال خدر لـ”الصباح”: إن “هذا القانون أثار الجدل والرأي العام حوله، ونحن مع ألا تكون هناك قوانين تقيد الحريات والآراء والأفكار، وأن يكون وفق الأطر القانونية المحددة، فإذا كان قانون جرائم المعلوماتية يعمل على ذلك سنكون بالضد منه، إذا كانت هناك رؤية (حقيقية ومسببات واضحة لرفضه) من قبل النشطاء والتيار المدني في تقييده للحريات”.
وأضاف، أن “هناك 13 قانوناً جاءت من الحكومة الى البرلمان ووزعت بين اللجان، وسيراعي البرلمان الأولوية حسب البرنامج الحكومي”، مبيناً أن “قانون جرائم المعلوماتية إذا خضع ضمن هذه السياقات، فسيتم تشريعه”.
وطالب خدر، “النشطاء المدنيين ومنظمات حقوق الانسان بتقديم رؤية عن القانون دون النقد، لأننا بحاجة الى هذا العمل من خلال ملاحظات منطقية”، منوهاً بأن “هذا القانون سيحمل في طياته عقوبات والتزامات، أما قيمتها ونسبتها فإن هناك قانونا للعقوبات وقانونا جنائيا سيرافق هذا القانون”.
مبررات وحجج
الى ذلك، أشار عضو مجلس النواب السابق سليم شوقي، إلى أن القانون لم يشرع في الدورة السابقة لوجود حجج ومبررات عديدة، معرباً عن أسفه لعدم تشريع هذا القانون في وقتها.
وقال شوقي لـ”الصباح”: إن “هذا القانون قرئ في الدورة السابقة القراءة الأولى، وكان يفترض أن يقرأ القراءة الثانية وبعدها يشرع، ولكن كان هناك رغبة في وقتها بعدم تشريعه بسبب حجج ومبررات كثيرة منها انه يقيد الحريات العامة؛ بالرغم من ان هذا القانون تشريع معمول به في كل دول العالم حتى الدول المستقرة سياسياً وأمنياً”.وأضاف، ان “من أخطر الجرائم اليوم، هي الجرائم المعلوماتية، حيث أن سقوط محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار كان نتيجة حجم الشائعة الكبير الذي بث في وسائل التواصل حينئذ”، مبيناً أن “هذا القانون لا يقيد الحريات وإنما يحفظها ويعاقب المسيئين الذين يستخدمون مواقع التواصل لأغراض إجرامية والمساس بالسيادة وانتهاك حقوق الناس”.
رؤية قانونية وحقوقية
بدوره، بين الخبير القانوني طارق حرب، أن جرائم المعلوماتية لا توجد لها قيمة قانونية واقعية، قائلاً لـ”الصباح”: إن “الخطأ الذي وقع به هذ القانون، هو أن جرائم حددتها فقراته كان من المفترض ألا تدخل ضمن سياقه، حيث أن جرائم القذف والابتزاز موجودة في قانون العقوبات ولكن الفرق في الوسيلة”.
وأضاف، ان “التطور التقني الموجود أدى الى استحداث هذا القانون، ولكن الاصل بالعقوبات المنظمة في قوانين سابقة يجب ألا تدخل ضمن هذا القانون والتي تقدر بـ 90 بالمئة لكي لا يترتب علينا خلل كما حدث في قوانين سابقة”.
وتابع حرب، ان “هناك نصوصا قانونية تنظم أغلب الأحكام وتحدد العقوبات بغض النظر عن الوسيلة المرتكبة، ولكن يمكن أن نبقي جريمتين أو ثلاثا مما أفرزها التطور التقني الجديد”.
أما المحامي المدني سعد هادي الموسوي، فذكر أن هذا القانون سيعمل على حماية العديد من المواطنين من الابتزاز والتهكير الذي تتعرض له صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي فضلاً عن هواتفهم.وقال الموسوي لـ”الصباح”: إن “العراق اليوم أصبح (في مرتبة متقدمة عالمياً) من حيث استخدام الانترنيت، ما يجعل العديد من المواطنين عرضة لتهكير هواتفهم أو حواسيبهم وبالتالي عرضة للابتزاز، وينبغي على المشرعين لهذا القانون الانتباه الى طبيعة هذه الجرائم التي ارتبطت بأساليب مستحدثة ترتبط بالمعالجات الالكترونية”، وأضاف، ان “هذا القانون لن يلغي الحرية الشخصية إذا ما سنّ بطريقة جيدة، وإنما العكس سيكون حاميا للعديد من الأشخاص ولاسيما النساء”.
العفو الدولية
على صعيد متصل، هرعت منظمة العفو الدولية للتحذير الشديد من الإجراءات التي تنتهك حقوق الإنسان الأساسية في قانون جرائم المعلوماتية الذي ينوي البرلمان إقراره خلال الفصل التشريعي الثاني، حيث دعت المنظمة البرلمان إلى سحب مشروع القانون “الذي يقوض بشدة الحق الأساسي في حرية التعبير”، فيما اعتبرته انتكاسة مفجعة لحرية التعبير في العراق، بحسب بيانها الصحفي الذي اطلعت عليه “الصباح”.
وقالت المنظمة في بيانها: إن “القانون يفرض عقوبات شديدة بالسجن وغرامات باهظة ضد المنتقدين السلميين، الذين يعبرون عن أنفسهم عبر الإنترنت”، معربة عن قلقها البالغ إزاء مشروع القانون، ومحذرة في الوقت نفسه من أن القانون المقترح “سيخلق مناخا من الرقابة الذاتية في البلاد”، على حد قول المنظمة.