الجراحة الروبوتيَّة.. ثورة طبيَّة قادمة

ريبورتاج 2021/12/29
...

  عذراء جمعة
عندما قررت نوال كمال اجراء عملية تكميم المعدة، لأنها تعاني من زيادة وزن بحدود 25 كيلو غراما، وما بين حلمها بالرشاقة واستعادة جمالها يبقى الخوف يراودها، لأن العملية تحتاج الى وقت طويل حتى تتماثل للشفاء، الا أنها من خلال بحثها المستمر في الغوغل عن العملية واجراءاتها والأعراض الجانبية التي ترافقها، عرفت معلومة بوجود تقنية الجراحة الروبوتية التي ستكون أقل ألماً وأسرع شفاء، ولهذا بدأت عملية بحثها عن المستشفى الذي يجري هذا النوع من الجراحة.
فالجراحة الروبوتية تقنية متطورة تستخدم فيها الحواسيب والروبوتات المتقدمة وبعض التقنيات الالكترونية، من أجل إجراء جراحة أكثر دقةً ونجاحاً عن الجراحة الكلاسيكية اوالمنظارية، والتي تم اكتشافها عن طريق وكالة «ناسا» الفضائية من خلال البحوث سنة 1985، وان اجراء اول جراحة في العالم كان في سنة 1998.
يقول الدكتورالجراح الاستشاري واستاذ كلية الطب الجامعة المستنصرية مهند الانصاري في حديثه لـ(الصباح): إن دخول التقنية الى الوطن العربي كان سنة 2010 في دولة الامارات العربية المتحدة عن طريق جامعة حمدان من قبلي، موضحا وبعد النجاحات التي حققتها في الامارات تم التركيز والعمل على ادخالها الى العراق في عام 2020 لرفع المعاناة عن المريض العراقي من السفر الى الخارج لاجراء العمليات نفسها في الامارات، الهند، تركيا او اوروبا. 
مضيفا انه تم الاتفاق مع الشركة الاميركية المصنعة شركة «دافنشي» مع القطاع الخاص، وأخذ الموافقات الاصولية من قبل وزارة الصحة ونقابة الاطباء وتم جلبه الى مستشفى خاص في بغداد.
 
40 بالمئة
وبيَّن الأنصاري أن كلَّ الحالات التي تردنا من جميع محافظات العراق وتكلفة الجراحة في دول الجوار هي (20 الف دولار)، وتقريبا نجريها في بلادنا بين 4 الى 6 آلاف دولار، اي ما يقل عن (40) بالمئة من التكلفة العالمية، فضلا عن وجودها وبتكلفة معقولة للمواطن، لافتا الى أن المواطن تعرف على هذه التقنية والاقبال عليها من خلال الجهود العلمية التي بذلت من اجل نشرها في مواقعنا العلمية الالكترونية، والتي تشرح باللغتين العربية والانكليزية مع الصور والوثائق، علاوة عن اعطائنا 12 كورسا تدريبيا شارك فيه مواطنيون عاديون وأطباء جراحون لتوضيح الايجابيات لهذه التقنية، والتي تتحدد اولا بتكبير 10 مرات. اذ يرى الجرّاح  الموقع الجراحي مكبرا عشرة اضعاف ومنها الاحشاء المهمة والأعصاب  الدقيقة، حتى يتمكن من حمايتها في الجراحة، مؤكدا أن العين في الجراحة الروبوتية بتقنية الثلاثية الأبعاد (ثري دي)، التي تجري العملية على غير العين المجردة، مشيرا الى أنَّ التقنية المتطورة تتركز في استخدام الذراع الروبوتي، اذ ميزة الحركة بتقنية 360 درجة ولكن اليد البشرية تتحرك ب270 درجة، الامر الذي يجعل الجراح له مرونة اكبر في ابداع وتقنية أوسع في الجراحة والتغلب على رجفة يده بعد طول ساعات العملية. اذ يتعرض الجراح الى مضاعفات الرجفة، موضحا كل هذه الامور مجتمعة تساعد المريض وتمكن الجراح من مشاهدة كل الأعصاب المهمة الموجودة، مثلا بالبروستات اذ توجد أعصاب مهمة تزود مناطق حساسة في الجسم في حال اصابتها سيعاني المريض منها مدى الحياة، فضلا عن جراحات القولون والكبد، ولهذا كل هذه الميزات تجعل المريض يختار ويدفع اكثر من 800 الى 1000 دولار عن الجراحة التقليدية.
 
التحكم بالعقل البشري
ولفت الانصاري الى أن الجراحة الروبوتية تقاد من قبل العقل البشري، اي ان الروبوت لا يجري العملية لوحده، بل إن الجراح يتحكم بالعملية مئة بالمئة، لافتا الى اجراء الى الآن اكثر من 10 جراحات ناجحة وأهمها جراحات استئصال المرارة،  قص وتكميم المعدة، استئصال اورام القولون والبروستات الجذري، اورام الكبد، البنكرياس والمثانة، مبينا أن المرضى فرحون جدا بنجاح العمليات وقلة الالم وسرعة الشفاء، منبها على أنه تمت اضافة العلم العراقي واسم العراق من ضمن 65 دولة عالمية لادخاله هذه التقنية، اضافة الى أن من الدول العربية التي بدأت استخدامها الامارات، السعودية وقطر وقبل شهر ادخلت الى مصر، منوها باستخدامها ايضا في جراحات الجهاز الهضمي واورام المبيض، الكلى والرحم، فضلا عن جراحات القلب وتبديل الشرايين وجراحات الصدر والانف والاذن والحنجرة، مؤكدا أن نتائجها اقرب الى السحر، خاصة في جراحات تبديل الشرايين من خلال فتح عظم القص ويبقى المريض اسبوعا متألما، اما الآن المريض من خلال فتحات صغيرة والروبوت يقوم بتبديل الشرايين وخلال يومين فقط، وكذلك الشيء نفسه بالنسبة لجراحة الكبد.
 
المستشفيات الحكوميَّة
واضاف قمنا بتدريب الى الان 12 زميلا في تخصصات مختلفة وصلوا الى مراحل جيدة، وتمت مشاركتهم معنا كمساعدين وبعد ذلك سيتمكنون من اداء العمليات لوحدهم، منبها على وجود مراكز عالمية للتدريب في اوروبا او تركيا وهم اساتذة يحملون البورد في الجراحة، مؤكدا اذا كان المريض يعاني من حالة ورم سرطاني نخيّره بين الجراحة المنظارية او الروبوتية، واذا كانت مضاعفات كبيرة نرجع الى الجراحة الكلاسيكية. 
مشيرا الى أن من أهم عيوب هذه التقنية الكلفة تكون اكثر من غيرها والتدريب اكثر وأوسع وجيد وهي تفوق العيوب المنظارية، اذ كان المريض في الجراحة الكلاسيكية يبقى من 6 الى 7 أيام في المستشفى، لكن في الروبوتية يبقى فقط يومين وتكلفة البقاء في مستشفيات بغداد 200 الف دينار في الليلة الواحدة ولهذا بدأ المواطن يركز لى هذه الفروقات، متأملا أن يتم جلب الريبورت الى المستشفيات الحكومية وهم في طور أخذ الموافقات وتحتاج الى تدريب، لافتا الى  تمكنه من تدريب عدد من الجراحين العالمين. والآن نجري التدريب في سلطنة عمان، متعهدا أنه على استعداد لتدريب ملاكات وزارة الصحة.
وبحث المواطن كامل سليم عن جهاز «دافنشي» الروبوتي لاجراء عملية استئصال الورم في الكبد، نظرا لخطورة العملية وعدد ساعاتها الطويلة، مؤكدا وجود الجهاز في أحد المستشفيات الاهلية في بغداد، منوها بأنه استفسر من الطبيب الجراح عن كل تفاصيل العملية وبعد الاطمئنان قرر اجراءها.