نافع الناجي
في معظم دول العالم المختلفة، تنتشر أنظمة الرقابة الغذائية لحماية المواطنين والمستهلكين وبما يتوافق مع الأنظمة والمعايير المحلية والعالمية، إلا أن المؤسسات الرقابية في العراق تعددت واختلفت بياناتها ومعاييرها، تبعاً للقوانين الخاصة بها، فهناك البيئة والصحة والجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية وغيرها.
تعاون وتنسيق وتكامل
سلامة المواد الغذائية ترتبط بصورة كبيرة بصحة الإنسان بحسب مختصين، كما إنها من البديهيات المنطقية المعروفة، ما يجعل الحاجة قائمة الى التعاون والتنسيق بين الجهات المسؤولة عن سلامة غذاء العراقيين وتحديد مهام كلٍ منها. ولعل أحد أهم شروط تحقيق الأمن الغذائي هو اعتماد إجراءات رقابية تكاملية، فضلاً عن تشكيل هيئة مستقلة تعنى بالرقابة وتوفير الأمن الغذائي للمواطن، من خلال مواد قانونية محدّدة ومحدّثة وسلطات رقابية شديدة الحرص على صحة أبناء الشعب.
فحوصاتٌ عشوائيَّة
وليد الموسوي مدير دائرة البيئة في المنطقة الجنوبية يشير الى عشوائية الفحوصات، التي يتم إجراؤها على الأغذية والمنتجات الاستهلاكية الداخلة للبلاد من قبل دوائر وزارة الصحة، ويقول بهذا الصدد "بكل أسف يمكنني أن أقول إن هناك العديد من المواد الداخلة للبلاد من المواد الغذائية والمعلبات والعصائر والشيبسي وغيرها الكثير، لا يتم إرسال عيّنات كافية منها للفحص المختبري"، مستدركاً "يتم إرسال عدد قليل جداً إذا ما قورن بضخامة الكميات الداخلة من هذه المواد الغذائية، وبالتالي نتمنى على دوائر وأقسام الصحة العامة في المحافظات أن تكون أكثر جدية في ما يتعلق بغذاء الشعب".
فحوصات مختلفة ومطابقة
من جهته يشدد جهاز التقييس والسيطرة النوعية، على أن جميع البضائع الواردة عبر منافذ البصرة الحدودية البرية والبحرية، تخضع لعمليات فحص مختلفة قبل إعلان مطابقة تلك المواد للمواصفات القياسية العراقية، والتأكد من صلاحيتها لإطلاقها في الأسواق.
معاون مدير جهاز التقييس والسيطرة النوعية في الجنوب أحمد كريم، يقول لـ(الصباح) "كجهاز تقييس وسيطرة نوعية نقوم بفحص أية مادة غذائية في ما لو كانت صالحة للاستهلاك البشري أو غير ذلك"، وأضاف "الشق الثاني لفحوصاتنا هو الفحص الإشعاعي، حيث كل مادة تدخل للمنافذ الجنوبية للعراق نقوم بتحويلها على الدوائر البيئية كي يفحصوها إشعاعياً، فإذا كانت خالية من الإشعاع ننتظر نتائج المختبر الغذائي وبعد حصولنا على نتائج الجهتين ونقتنع أن المادة صالحة نجيز إطلاق البضاعة ونمنحها الموافقة".
قوانين عتيقة وأجهزة متعددة
تشير المؤشرات الى أن النظام الرقابي في العراق متعدد الهيئات وتسهم به عدد من الوزارات والمؤسسات المختلفة، فقد تأسس القسم الرقابي في وزارة الصحة خلال ثلاثينيات القرن الماضي، ولم يشهد تحديثاً جوهرياً لقوانينه منذ تلك الحقبة، وفي ظل حالات الانفلات التي شهدتها مناطقنا الحدودية على بعض أنواع الأغذية المورّدة للعراق، تبقى الحاجة قائمة لترصين أساليب رصد الأمراض المنقولة عبر الغذاء مثل، فيروسات أنفلونزا الطيور وجنون البقر والفيروسات التاجية مثل سارز وكوفيد- 19 غيرها.
كما يشار الى أن تعدد الاجهزة الرقابية وتنوع قوانينها، يتسببان أحياناً بتقاطع القرارات وتداخلها، فضلاً عن توسيع الهوّة في الروتين القاتل ويسبب تأخيراً في اتخاذ قرارات صلاحية هذه المادة الغذائية أو تلك، او عدم صلاحيتها.
عيّنات وفحوصات جرثوميَّة وكيميائيَّة
تحسين صادق النزّال مدير قسم الصحة العامة في البصرة يوضح، أن "المواد الغذائية التي تصلنا عن طريق منافذنا الجنوبية ترسل عيّنات منها، بموجب مخاطبات رسمية الى هيئة البيئة في البصرة، أما المواد الغذائية التي تتجه للمحافظات، فإدارات المحافظات تكون هي المسؤولة عن فحصها وتحديد صلاحياتها"، أما عن نوعية الفحوصات التي يجريها قسم الصحة العامة، قال النزّال "لدينا فحوصات خاصة في قسمنا، أهمها الفحص الجرثومي والفحص الكيميائي".
وبدورنا نتساءل عن مصير المواد الغذائية التي تتسرب من المنافذ وتخرج الى المحافظات، فمن يدري إن كانت للمحافظات المذكورة سيطرة عليها، او امكانية فحص مماثلة لما يحصل في البصرة من قبيل فحص الاشعاع او فحوصات كيميائية وجرثومية.. وهل الأجهزة الرقابية والصحية في تلك المحافظات مؤهلة ومعززة بمختبرات كفوءة وأجهزة تقنية لائقة، لإجراء تلك الفحوصات وكوادر بشرية مدربة؟.
بخلاف ذلك ستكون صحة المواطن العراقي معرّضة لخطر داهم، بتناول منتجات غذائية ومعلبات مجهولة وغير صحية وربما غير صالحة للاستهلاك الآدمي!.