وزارة الزراعة: القانون رقم 50 منع التجريف وأحال المتجاوزين على القضاء

ريبورتاج 2022/02/22
...

  سها الشيخلي 
نشطت في الآونة الأخيرة عملية تجريف البساتين من قبل بعض المنتفعين لإقامة مبانٍ سكنية، وذلك بعد الزيادة السكانية الحاصلة في المدن وهجرة الفلاح من الريف إلى المدينة، أو لإقامة المولات من أجل فتح الاستيراد من دون النظر إلى ما يعانيه البلد من تداعيات تجريف البساتين زراعياً وبيئياً. 
شكوى 
في مبنى وزارة الزراعة وجدنا العديد من المزارعين الذين كانوا يتحدثون عن عمليات التجريف الحاصلة في مناطق بغداد ومنها (عرب جبور والدورة)، وما هو رأي وزارتهم بهذا الإجراء خاصة في هذا الوقت، وعلمنا من خلال حديثهم أنهم كانوا يطالبون بالحلول من دون التجاوز على المناطق الخضراء المزروعة، وقال أبو أحمد: إنه لا يمتلك غير هذه الأرض، وحاول الحديث مع القادمين الجدد وهم يراقبون الشفلات وهي (تقتل) النخيل، لكن من دون جدوى، وقد نهره أحدهم وطلب منه أن يتركهم يعملون. 
المزارع أبو رقية قال بأسف: المشكلة إن القادمين لا يمتلكون أي حق في التجريف، ولا نعلم إن كانت وزارة الزراعة لها علم بذلك أم لا، وما هو ردها أو القوانين التي تردع المتجاوزين؟. 
أبو سجاد قال بعصبية بالغة: إن ما يجري بعيد عن الأخلاق والذوق وهو ضد القانون، فمن أين لهؤلاء الدخلاء الحق في التصرف بأرض ليست لهم، وأي حق يمتلكون في
ذلك. 
 
وزارة البيئة
وعن تداعيات تجريف البساتين بيئياً تحدث لـ «الصباح» المهندس الاستشاري عيسى الفياض مدير عام الدائرة الفنية في وزارة البيئة، إذ قال: إن التغيرات المناخية لها تداعيات عديدة، منها نشاطات الإنسان التي لها أضرار على المناطق الخضراء، ومنها التوسع السكاني الذي أسهم في قلة تلك المناطق، و تجريف البساتين لإنشاء المباني، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة الجو، ويسبب قلة المياه، ويؤثر في الزراعة، وكذلك الجفاف، وهناك أسباب لارتفاع درجات الحرارة، منها ذوبان الثلوج، ومن آثاره اختفاء المدن والمساحات الزراعية، وهناك تقارير مفادها أنه بعد عدة سنوات فإن القاهرة والبصرة من الممكن أن تغرقا، ومن أعمال الوزارة أنها لا تسمح بأعمال تجريف البساتين والمناطق الزراعية، وحسب الموافقات التي يطلبها المواطن لإنشاء المصانع يجب ألا يكون جنس الأرض زراعياً أو له صلة بالزراعة، ونحن ضد أن تتحول هذه الأرض إلى مصانع أو معامل، وذلك لأن العراق قد دخل في اتفاقية باريس ويجب أن تتوسع المناطق الخضراء، ومن سياسة الوزارة التوسع في المناطق الخضراء، وإعادة استصلاح الأراضي، وإيقاف التصحر، حتى إننا ننسق الآن مع أمانة بغداد حول مساحة بناء المساكن، وتفعيل وجوب إقامة حديقة في الدار، وإن اكتظاظ المدن بالمباني الصغيرة يؤثر في البنى التحتية من المجاري ومحطات الأمطار، فبغداد تصميمها الأساسي لسكن 3 ملايين نسمة، لكنها الآن تضم 8 ملايين نسمة، لذلك نشاهد الضغط في كل مفاصل الحياة بما فيها الازدحام، وتوجهاتنا الآن مع المناطق الخضراء. 
ويلفت الفياض إلى أن الوزارة لديها علاقات عمل مشتركة مع وزارتي الزراعة والموارد المائية لطبيعة عملهما معنا، ويؤكد أن العراق بلد زراعي منذ القدم ويعتمد على الزراعة، والنفط هو مادة ناضبة فلم يبق لدينا سوى الزراعة، لذا يجب أن تعمل الزراعة بالاعتماد على التقنية الحديثة في الزراعة والري لزيادة المساحات المزروعة بنسبة 100 %، وأن تمد الزراعة أنابيب تحت الأرض (الري المغلق) لمنع التبخر والتسرب وعلينا الحفاظ على المياه لإحياء الزراعة وهي أولويتنا منذ زمن بعيد. 
 
قانون 50 لسنة 2016
وعن هذه التداعيات تحدث لـ «الصباح» الوكيل الإداري لوزارة الزراعة الدكتور مهدي سهر الجبوري، إذ قال: شهدت محافظات عديدة في العراق تجاوزات على الأراضي الزراعية، وظهرت المساكن العشوائية ما جعلها تضر بالمناطق الزراعية القريبة من المدن والتي نحن بأمس الحاجة إليها، كوننا بحاجة إلى توازن بيئي، إضافة إلى الحاجة لزراعة الخضراوات في تلك المناطق القريبة من المدن، ففي عام 2016 صدر قرار رقم (50) الذي منع تجريف البساتين، وأحال المتجاوزين إلى الإجراءات القانونية والقضائية، وشكلت اللجان برئاسة رئيس الوحدة الإدارية مثل المحافظ أو القائممقام أو مدير الناحية، بما فيها مركز العاصمة بغداد، وهذه اللجان لم تأخذ على عاتقها المتابعة المستمرة لإيقاف التجاوزات، لذلك شاهدنا الكثير من المباني المتجاوزة عليها وكذلك البساتين. 
 
سماح
ويبين الجبوري «إضافة لذلك لدينا تعديل لقانون رقم 35 لسنة 1983 والذي يسمح بتمليك من (10 - 5) دوانم، كملك صرف إلى المستفيدين او المتعاقدين القريبين من المدن، وبالتالي المحافظة على أراضيهم من التجاوزات، وسيكون هذا القانون حلاً جذرياً لإبعاد الأراضي الزراعية عن التجاوز، ويجب أن يكون هناك تخطيط عمراني ومتابعة مستمرة من البلديات وقيادات الشرطة في المحافظات لمتابعة أي تجاوزات في بدايتها وليس بعد إنشاء مبانٍ سكنية وأحياء والتي ستشكل ضغطاً على الحكومات المحلية بتقديم الخدمات والبنى التحتية. 
 
الثروة الحيوانية
وتحدث لـ «الصباح» الوكيل الفني في وزارة الصحة الدكتور ميثاق عبد الحسين عبيد عن تأثير التجريف في الثروة الحيوانية، إذ قال: تداعيات التجريف بالدرجة الأولى على البيئة بصورة عامة، ولكن لم تجرِ عملية تجريف لأي محمية طبيعية أو اعتداء أو إزالة  سواء كانت للمراعي أو حقول الدواجن، ولا تزال هذه المحميات محفوظة، والتي تشمل حيوانات برية فيها، فالتجريف يحدث عادة في البساتين، ولكن غير مسموح إقامة مراعٍ  في البساتين، فليست لدينا محطة للأبقار في البستان أو تسمين أغنام أو عجول، كونها ممنوعة بموجب القانون، بل يجب أن تكون هذه المشاريع في مناطق زراعية مخصصة لها، ودائماً أصحاب البساتين يمتلكون القليل من الأبقار والدواجن والأغنام وهي لاستخدامهم المنزلي، ولكن خلال السنوات المقبلة سنلمس التجريف العشوائي والجائر على المناطق الزراعية بسبب توسع المدن. 
 
رصد
المستشار في وزارة الزراعة الدكتور مهدي ضمد القيسي تحدث أيضاً عن تجريف البساتين، إذ قال: للبساتين شقان، الأول هو الملك الصرف، والثاني هو العقد، وفي كلتا الحالتين البستان أو الأرض بصورة عامة اذا كان جنسها أرضاً زراعية أو بستاناً لا يجوز تحويلها إلى سكنية أو خدمية أو صناعية إلا بموافقة رسمية صادرة من اللجنة العليا بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، والممثلة فيها جميع الوزارات التي لها علاقة بالأرض، وهذا هو الطريق الرسمي، ولكن ما يحصل من تجاوزات فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً من الناحية القانونية وحتى من الناحية الاقتصادية. 
ولفت إلى أن المشكلة تكمن في أن وزارة الزراعة هي ليست جهة تنفيذية تزيل أو توقف التجاوز، وكل ما نعمله هو أن مديريات الزراعة ترصد لنا هذه الحالات ونبلغ الجهة الإدارية، ففي بغداد أمانة بغداد وفي المحافظات مجالس المحافظات او المحافظ هي المسؤولة عن إيقاف هذا التجاوز ومحاسبتهم بموجب القانون، وأكد أنه من حيث المبدأ نحن نرفض ولا نوافق على هكذا تجاوزات، وعلى الذين تعرضت بساتينهم للتجريف في المحافظات مراجعة مديرية الزراعة والتي تكون مرتبطة بالمحافظة من الناحية الإدارية، ويستطيع صاحب البستان الذي تم تجريفه أن يأخذ كتاباً من مديرية الزراعة ويذهب للمحافظة للشكوى، وعندها يمكن محاسبة المتجاوز بالتجريف، وإذا كان التجاوز في بغداد يستطيع صاحب البستان تقديم الشكوى إلى محافظ بغداد لمحاسبة المتجاوز.