انتعاش السياحة الشتويَّة في إقليم كردستان

ريبورتاج 2022/03/01
...

   اربيل: سندس عبد الوهاب 
   السليمانية: عذراء جمعة
أدت الثلوج الكثيفة التي اجتاحت كل محافظات إقليم كردستان إلى انتعاش كبير للسياحة الشتوية اذ وفرت المناظر الجميلة التي تجذب السائحين القادمين إليها من مختلف محافظات البلاد، ما زاد من أعداد الوافدين إليها مقارنة مع الأعوام السابقة، لأن تساقط كميات كبيرة من الثلوج جعل جميع المدن والأقضية والنواحي تلبس الثوب الأبيض ليصل في بعض المدن إلى المتر والنصف مثل بنجوين وحاج عمران.
وقال المتحدث الرسمي لهيئة السياحة في إقليم كردستان نادر روستاي لـ "الصباح": إن الاستعدادات مستمرة من أجل استقبال المجاميع السياحية القادمة من محافظات الوسط والجنوب والأسر التي تأتي بسياراتها الشخصية من أجل السياحة والاستمتاع بالمناظر الخلابة في فصل الشتاء، لاسيما مع تساقط كميات كبيرة جداً من البساط الأبيض، منوهاً بأن هناك الكثير من المناطق السياحية الشتوية التي تشكل أماكن  جذب للسائحين، ما يعد انتعاشاً للقطاع السياحي، وأهمها تلفريك جبل كورك في قضاء راوندوز شمال مدينة أربيل، وتلفريك جبل أزمر في منتجع جافي لاند في السليمانية وآخرها تلفريك جبل زاوة بشمال مدينة دهوك الذي افتتح في منتصف العام الماضي، مشيراً إلى أن هناك الكثير من المشاريع السياحية التي نأمل  أن تنفذ في الفترة المقبلة، والتي توقفت بسبب وباء كورونا، لا سيما ما يخص السياحة الشتوية في منطقة حسن بك في قضاء سوران شمال أربيل لما تتميز به من مناظر رائعة مع هطول الأمطار وتساقط الثلوج، مبيناً أن الإحصائيات الأولية تشير إلى قدوم أكثر من أربعة ملايين سائح من مختلف المحافظات إلى الإقليم في العام الماضي، إذ وصل إلى محافظة أربيل مليون و957 ألف سائح، ما يشكل نسبة 48 بالمئة من المجموع الكلي.
 
تسهيلات
وأشار إلى وجود تعاون وثيق مع الجهات الأخرى المعنية من أجل تسهيل جميع الإجراءات منذ دخول المجموعات السياحية إلى مدن الإقليم، وخصوصاً في السيطرات الأمنية، وكذلك هناك لجان مختصة تقوم بدورها في عموم المدن والأقضية والنواحي في الفنادق والمطاعم والمقاهي والمولات والحدائق العامة، والمناطق السياحية في الأقضية والنواحي والقرى، للوقوف على أهم المعوقات وحلها في حال حدوثها والالتزام بالتعليمات الخاصة بجائحة كورونا، علاوة على مراقبة الأسعار، ومنع زيادتها بأي مرفق سياحي.
 
يحقق أكثر الإيرادات
 من جهته أوضح مدير الإعلام في مديرية سياحة السليمانية داسيار محمد لـ"الصباح" أن أعداد السياح في تزايد كبير بسبب تساقط الثلوج هذا العام وبشكل كثيف، إذ بلغت خلال الأسبوع الماضي 60 ألف سائح، لافتاً إلى أنه في العام الماضي بلغ عدد السائحين الوافدين إلى محافظة السليمانية مليوناً ونصف المليون سائح أي ما يشكل نسبة 34 بالمئة، مشيراً إلى أن قيمة الإيرادات المتحققة من هذا القطاع خلال العام الماضي بلغت 300 مليون دولار في حال إنفاق كل سائح ما معدله 200 دولار، مؤكداً أن قطاع السياحة يعد الأكثر تحقيقاً للإيرادات في المحافظة مقارنة مع باقي القطاعات الأخرى، مبيناً أن أهمية إقليم كردستان تزداد في شتى المجالات وأهمها السياحة، إذ أخذ يجذب الاستثمار الأجنبي الخاص بالسياحة لما يمتلكه من استقرار وأمان وهدوء، الأمر الذي جعل حكومة الإقليم تسعى إلى ترميم البنية التحتية، فضلاً عن حماية المواقع السياحية والأثرية، بالإضافة إلى أن السياحة تدر أموالاً كثيرة، بسبب ما ينفقه السائحون، وتوفر فرص عمل متنوعة.
 
الوشاح الأبيض
 ولفت محمد إلى وجود 1450 مكاناً سياحياً مرخصاً في المحافظة، وبانتظار الرخص الجديدة لافتتاح أماكن سياحية أخرى، لأن المحافظة فيها الكثير من الأماكن التي تعد سياحية من الطراز الأول، وغالباً ما نبحث عن التميز والاختلاف ومن أجل أن نضاهي الأماكن السياحية في الدول المجاورة، منبهاً إلى أن المديرية حددت 30 بالمئة من خريجي مدارس السياحة ومعاهدها للعمل في المشاريع السياحية، لافتاً إلى أنه  في هذه الأيام تكتسي جميع أرجاء محافظة السليمانية بالوشاح الأبيض وليس فقط مناطق الجبال مثل أزمر وكويزة مثل كل عام، الأمر الذي يجعل السياح يستمتعون عند تجوالهم في كل جزء من المدينة، متوقعاً زيادة الأعداد إلى أضعاف العدد الحالي.
 
الأسعار أقل
وبيّن كاميران حاجي، وهو مالك لفندقين ذوي ثلاثة نجوم في وسط مدينة أربيل في حديثه لـ "الصباح": "ننتظر قدوم العام الميلادي الجديد في كل سنة بالتزامن مع فصل الشتاء وتساقط الثلوج وتحديداً في شهري كانون الثاني وشباط من أجل استقبال المجاميع السياحية القادمة من مختلف المحافظات، لافتاً إلى أن الأسعار تنخفض في فصل الشتاء، قياساً بفصل الصيف كون الأعداد تكون أقل بسبب برودة الطقس وأغلب الأسر لديها أولاد في المدارس والجامعات، ويكون السعر للشخص الواحد بالنسبة للسكن يتراوح بين 15 إلى 20 ألف دينار عراقي، والذي يتضمن أيضاً وجبة إفطار وجميع الخدمات الأخرى.
 
الألعاب الثلجيَّة
وأوضح السائح من محافظة بغداد محمد أمين الذي يتجول برفقة أسرته في أروقة سوق القلعة وسط مدينة أربيل, في حديثه لـ "الصباح": ننتظر كل عام فصل الشتاء من أجل السفر إلى محافظات الإقليم والاستمتاع بالدرجة الأولى بمناظر الثلج، وممارسة الألعاب الثلجية، والتزلج في جبل كورك الذي يعد الواجهة الأولى التي نقصدها، إذ نبيت ليلة واحدة في الفندق الموجود على جبل كورك، لافتاً إلى أن العديد من الأقارب يأتون معنا ويتم تأجير الغرف الفندقية والمنازل بأسعار مناسبة لا بأس بها، ولكن ليست رخيصة، إذ تتراوح  بين 150 إلى 250 دولاراً، وتتوفر فيها جميع الخدمات التي يحتاج إليها السائح من المطاعم والمقاهي والأكشاك وألعاب التزلج وغيرها، والسيارات الجبلية التابعة لإدارة التلفريك التي تقدم خدماتها للسائحين الساكنين في الفندق والمنازل المؤجرة، وتنقلهم إلى المطعم حسب طلب السائح بسبب صعوبة السير، لا سيما بعد الغروب، وتكدس الكميات الكبيرة من الثلوج، منبهاً إلى أن عربات التلفريك تفتح صباحاً لنقل السائحين إلى الجبل ومن ثم نزولهم وتتوقف في الساعة السابعة مساء.
 
مسابقات التزلج
وبدوره دعا صاحب إحدى شركات السياحة والسفر ياسر الغرة في حديثه لـ"الصباح" إلى أن تسعى الشركات الاستثمارية في محافظة السليمانية إلى زيادة الفنادق حتى لا يكون هناك ضغط كبير في المواسم المهمة والمكثفة مثل موسم تساقط الثلوج وأعياد نوروز والعطلة الصيفية، فضلاً عن زيادة أماكن الترفيه وإقامة مسابقات التزلج حتى لا يسافر السائح العراقي  لأي دولة خارج العراق، ويبقى متوجهاً إلى محافظات الإقليم فقط، مؤكداً ضرورة تضافر الجهود لتطوير المجالات السياحية والفعاليات مثل باقي الدول المجاورة اذ يمتلك إقليم كردستان الطبيعة الخلابة والمناظر الطبيعية التي تسحر السائحين والمعاملة الجيدة، موضحاً أن الإقليم يتمتع بأنواع سياحية مختلفة منها المغامراتية والثقافية والداخلية والدينية والأثرية والعلاجية الطبية، إضافة إلى أنه مكان مهم يختاره الكثيرون لإقامة المؤتمرات والندوات والمهرجانات الثقافية والاجتماعية والفنية والورش التدريبية.