صورة لعراقٍ ملكي

استراحة 2022/03/06
...

وليد غالب
ماذا يتخيل أبناء الجيل الحالي عن العراق الملكي؟!
في الغالب، ستكون الصورة محصورة بين نمطين من التخيّل، الأولى – وهي الأعم - تتمثل في 
العراق الجميل، بشبابه ذي البدلات الجميلة والأنيقة والبنايات والشوارع النظيفة. 
والثانية - وهي شحيحة بتأثير الإعلام - عن عراقيين يسكنون الصرائف مُهملين، يبطش بهم المرض والجهل.
ومن بين هذين التخيلين تبرز صورة العراق الملكي الجميل بشكلٍ قوي وراسخ. لكنْ هل كان العراق جميلًا بهذا التصور الخيالي كما يظهره الإعلام الانتقائي؟
من المؤسف القول إنَّ العراق الملكي لم يكن أبدًا بشكلٍ جميلٍ إلا في بعض الصور. ففي التقرير السنوي لعام 1929 الذي أعدته مديريَّة الشرطة العامَّة، تبيّن أنَّ هناك 798 حادثة قتل، 100 حادثة خطف، 956 مخالة للآداب، 194 هتك عرض، 111 رشوة، 65 اختلاس، 959 جريمة من جرائم قانون الأسلحة، 123 سلب، 2203 سرقات شديدة، 487 نشل، 196 جريمة أحداث، 672 سرقة نسائية، 8 أحكام إعدام، وبعض أحكام الإعدام كان يجرى علنًا أمام الجمهور «جاء في التقرير أن 8 أشخاص حكم عليهم بالإعدام، وقد نُفذ الحكم في معظمهم في بناية السجن بصورة سريَّة، ونفذ البعض الآخر علنًا أمام جمهور من الناس في المنطقة التي ارتكبوا فيها الجريمة». 
تؤكد صحيفة الإخاء الوطني، قضية الإعدامات العلنية، ففي تموز من العام 1933 نشرت خبرًا عن تنفيذ إعدام بحق «قاتل» حكم عليه بالشنق العلني في محلة السبع قصور من ناحية الكرادة الشرقيَّة قرب المدرسة العسكريَّة الملكيَّة.
أما عن حالات الانتحار فقد سجًل التقرير 15 حالة.
ماذا عن انتشار المخدرات؟
كانت المخدرات منتشرة في العراق بشكلٍ مخيفٍ، وكانت تُباع في المحال علنًا بعد حصول صاحب المحل على موافقة من الدولة، وفي العدد 3204 من صحيفة العراق الصادر في العام 1930، نُشر خبرٌ أو بالأحرى مناشدة من الصحيفة للجهات 
المسؤولة. 
يتحدث الخبر عن «ذيوع استعمال المواد المخدرة» وتطلب الصحيفة من القضاء «تعقب مهربي هذه المواد وإنزال العقاب الصارم بهم ونفيهم من البلاد الذين هم غرباء عنها».
الصحف القديمة تضعنا أمام صورة لعراق ملكي، فيه أعدادٌ مخيفة أو فوق الحد الطبيعي لجرائم قتل، وانتشار المخدرات والقمار، حالات الاغتصاب، وسرقات، ورشاوى، ودعارة وانتشار خمور، وحتى شراء أسئلة الامتحانات.
كلّ هذه الأمور كانت تحصل بشكلٍ كبيرٍ في 
شوارع العراق الملكي، حيث لم يكن أي شيء فيها هادئاً.