الطاقة الشمسيَّة.. هل تنقذ الزراعة في العراق؟

ريبورتاج 2022/03/16
...

 نافع الناجي
بالنظر للمشكلات والمعوقات الناجمة عن توفير الطاقة الكهربائية، لا سيما خلال فصل الصيف، شرّع الفلاحون في محيط البادية الجنوبية الى اقتناء وتشغيل المضخات المائية على الآبار الارتوازية في حقولهم ومزارعهم، بالاعتماد على الطاقة المتجددة، ومنها توربينات الهواء والألواح الشمسية.
ويهدف هذا التحوّل الى توفير الأموال التي تنفق على شراء الوقود لتشغيل مضخات ومولدات الطاقة من جهة، وتقليل كلف الإنتاج وضمان الاستمرارية والديمومة لعمليات السقي للمزروعات والأراضي والحقول الزراعية من جهة أخرى، فضلاً عن مواجهة الشحّة المائية والانخفاض في معدلات هطول الأمطار والكلف المتزايدة للطاقة الكهربائية، عبر الاعتماد على مخزونات المياه الجوفية في باطن التربة.
ألواح الطاقة الشمسيَّةيبرّر المزارع عباس تكليف حمزة توجهه الى الاعتماد على مصادر الطاقة الشمسية مؤخراً، بسبب البعد الجغرافي للحقول والمناطق الزراعية في بادية محافظة المثنى الجنوبية عن مراكز المدن ومصادر الطاقة الكهربائية، إضافة الى سعيه نحو الابتعاد عن استخدام المضخات التي تعمل بالوقود التقليدي كالبنزين والديزل، بسبب ارتفاع أسعار الوقود في السوق المحلية وكثرة الأعطال الناجمة عنها في محركات السقي والإرواء. ويوضح حمزة، إن «الطاقة البديلة تمتاز باستمرارية العمل وكفاءته كما أنها تفي بالغرض، لكون أجواء البادية غالباً ما تكون ملائمة لألواح توفير الطاقة الشمسية، ونعتمد عليها في أوقات النهار لأنها توفر كميات كبيرة من المياه المستخدمة في سقي المزروعات».
 
خفض الانبعاثات الضارّة
المهندس يوسف عبد سوادي مدير دائرة البيئة في محافظة المثنى، يقول إن «التحوّل الجديد يأتي متزامناً مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بتقليل انبعاثات الكربون في الهواء والحد من الملوثات الضارة»، مشيراً الى «تنامي استخدام وسائل الطاقة المتجددة والنظيفة، لا سيما أن معدل توافر ضوء الشمس يعد مناسباً في البيئة العراقية للتوسع في ميدان إنتاج الطاقة الكهربائية، وبشكل خاص في الحقول الزراعية النائية والبعيدة عن شبكات نقل وتوزيع الكهرباء».
ولفت سوادي الى «أهمية قيام الحكومة بتوفير وسائل داعمة ومبادرات من قبيل تقديم القروض المالية والتسهيلات العينية لشراء واقتناء منظومات الطاقة الشمسية او توربينات الرياح وما شابه، لتشجيع التوجه نحو الطاقة المستدامة وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية بغية تقليل الكلف المالية المهدرة وخفض الإنبعاثات الضارة في الهواء».
 
مزايا عديدة
من جهته يشدد المزارع عبد الرسول رحمه الله بالقول، إن «الجانب الايجابي لاستخدام الطاقة الشمسية في تشغيل مضخات الماء المعتمدة في الآبار الارتوازية هو قلة الأعطال الميكانيكية والاستغناء عن الوقود الباهظ التكلفة»، وأضاف «كذلك فإن الكهرباء المتولدة من ألواح ومنظومات الطاقة الشمسية تمتاز بكونها ذات طاقة عالية ومستقرة تماماً، ونستطيع استخدامها في زراعة مساحات واسعة وبكلفٍ قليلة، وذات مردود اقتصادي عالٍ»، ولفت رحمه الله الى أنه يتم حالياً «استخدام الطاقة البديلة في الكثير من المشاريع الزراعية والحقول الإنتاجية في بادية المثنى وبوادي المحافظات المجاورة كالبصرة وذي قار وغيرها، وأن تلك المزارع تحقق إنتاجاً طيباً ومردوداً اقتصادياً جيداً للبلد».
 
خطوات رياديَّة واعدة
تبدو الاستعانة بموارد الطاقة النظيفة والمتجددة حسبما ذكر متخصصون، أنها خطوات يمكن القول عنها، انها ريادية وواعدة في مناطق البادية العراقية الجنوبية، فالمؤشرات التي اقتنع بها المزارعون بكونها مهمة وقادرة على دفع الإنتاج الزراعي الى الأمام، بعيداً عن تأثيرات شبح نقص الوقود أو تذبذب التيار الكهربائي حتى الجفاف وشحة الواردات المائية. حيث يقول المهندس حسن علي من مديرية زراعة المثنى، إن «مديريتنا تشجع الفلاحين على استخدام مصادر الطاقات المتجددة والبديلة، عوضاً عن استخدام الوقود التقليدي»،مضيفاً، أن «حظوظ الطاقة الشمسية لدينا في العراق وساعات النهار الكبيرة والطويلة، لا سيما في فصل الصيف، تساعد أيضا في هذا المجال، بحيث تكفي لتوفير طاقة كهربائية تستخدم في زراعة مساحات شاسعة وتحقيق الأهداف الإنتاجية الطموح».
ومع تبني البنك المركزي العراقي مبادرته الأخيرة بمنح القروض للمواطنين بغية التشجيع على اقتناء منظومات الطاقة الشمسية للمنازل، نتوسم خيراً بفتح مبادرات مماثلة للمزارعين لحثهم على شراء منظومات السقي والإرواء، التي تعتمد على الطاقات النظيفة والمتجددة كألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح وغيرها، الأمر الذي سينعكس حتماً في تطوير اقتصادنا المحلي وحماية أمننا الغذائي، ومنح القطاع الزراعي فرصا كبيرة جداً للتطوير والتحديث كما هو في العالم المتقدم.