السياسة وأسواق الأسلحة

قضايا عربية ودولية 2022/03/23
...

علي حسن الفواز
أسواق الأسلحة هي الظاهرة المخفية في اقتصاديات الربح السريع، وما أن تبدأ الحروب، حتى تدخل تلك الأسواق في مواسم العروض الغامضة والسرية، ولعل طبيعة هذه المواسم هو ما يفصح عن سياسات الرعب التي تقف وراءها، وعن مؤشرات استخدام تلك الأسلحة.
ماتعلنه تقارير معهد ستوكهولم للسلام عن مبيعات الأسلحة في العالم يكشف تلك السياسات، ويفضح المواقف التي تدفع باتجاه إثارة القلق والخوف من تضخم اندفاع بعض الدول نحو تكديسها، وتحويلها إلى مخازن للأشباح، وإلى مصادر لتهديد الأمن الإقليمي أو الدولي.
إعلان الرئيس الأميركي بايدن عن تقديم مساعدات غير مسبوقة لأُوكرانيا يؤشر تغوّل هذا الاتجاه، فالمساعدات تعني العسكرة، مثلما تعني تطويل خيار الحرب، حيث تزويدها بأسلحة ذات طابع ستراتيجي، والتي تضعها أميركا كجزء من سياستها في تقويض القوة التسليحية للروس، أو في توريطهم في حرب استنزاف طويلة.
لقد شهد العالم خلال السنوات الأربع الماضية تراجعاً طفيفاً في مبيعات الأسلحة، قياساً إلى ماقبلها كما تقول تقارير المعهد، لكن السلاح ظلا جزءاً من خطاب السياسة، ومن رهاناتها في صناعة الحروب، أو في فرض العقوبات ذات الطابع الأمني، وهو ما حدث في حرب أُوكرانيا، إذ  بات الرهان التسليحي قريناً بالتعبئة السياسية، وبالتحشيد الذي لم يألفه حلف الناتو، فالدخول في مواجهة مع دول عظمى مثل روسيا، يعني الدخول في بناء ترسانات تسليحية معقدة، وفي خيارات أكثر تعقيداً، خشية التورط في حرب عالمية، أو في حرب نووية، وهذا مالا يريده الحلف، ولا تراهن عليه السياسة الأميركية، لكن الذهاب إلى تسليح أوكرانيا باسلحة ستراتيجية ستكون بالمقابل عبئاً اقتصادياً على دول الحلف، مثلما سيكون محفوفاً- أيضاً- بأخطار قد تقود إلى الانزلاق نحو مواجهة مع الجيش الروسي، إذ هدد الرئيس بوتين بإن دخول الأسلحة من دول جوار أًوكرانيا يعني مشاركتها بالحرب، فضلاً عن احتمال تدميرها من الطيران الروسي الذي يفرض سيطرته على أجواء الحرب..