العمارة: كاظم غيلان 

 

أفرزت تشرين ثقافتها التي عكست روحها الصافية، فكان لشعر العامية حضوره البهي الذي جسدته مؤخراً فعالية كبيرة أقيمت في قاعة قصر المؤتمرات بمدينة العمارة وبجهود ذاتية حرص عليها نخبة من شباب تشرين وبحضور شعبي خالص تصدرت مقاعده الأولى والدة أحد الشهداء، وفي خشوع بهي أيضاً عرض فيلم وثائقي تخللته بالصورة والصوت مقاطع لعدد من أبرز شهداء تشرين (صفاء السراي، أمجد الدهامات، عبد القدوس، ثائر الطيب) فكان للدمع حضوره أيضاً.  القصائد التي قرئت في الفعالية حملت مضامين جديدة خارجة عن سياقات سيرك المهرجانات السائدة الصاخبة بالصراخ والتصفيق، وكان للشعراء المشاركين إلقاء هادئ يشبه أرواح الشهداء الذين تغنت بهم القصائد إنشاداً واستذكاراً فيه من طقوس الوفاء ما يستحق التأمل، لا التنظير والرطانة، والإنصات لا المديح الزائف، والإطراء الحق لا التزلف والنفخ. القصائد المنتخبة للنشر هنا تمثل جزءاً مما قرأه الشباب أملاً بنشر المتبقي منها والتي حالت الظروف الفنية دون إظهارها هنا، فهي لا تقل أهمية.

لقد كان للتناسق الفني في القصائد المشاركة كل ما يمنحنا الثقة بأن نقول بصوت عالٍ : إن هؤلاء الشعراء سجلوا الوفاء الوطني والإبداعي لأصدقائهم الذين استشهدوا ولذا كان تشرين قاسمهم المشترك.