مَنْ يُهدد النمو العالمي؟

قضايا عربية ودولية 2022/03/27
...

علي حسن الفواز
النمو العالمي مُهددٌ بالانهيارِ، وثمة تضخمٌ عالميٌ قد يضع اقتصاديات الدول أمام مشكلات لا حدود لخطورتها ورعبها، وحين تكون الحروب هي مصدر هذه الأخطار، والتحدي الأول لبرامج النمو والسلم العالمي، فإن التورط فيها سياسيا وعسكريا، سيكون نوعا من العبث، وانجرارا إلى خيارات معقدة من الصعب السيطرة عليها. 
الأرقام  التي تقدمها المنظمات الدولية عن زيادات كبيرة في نسب الفقر وسوء التغذية، وارتفاع في أعداد اللاجئين، وتضخم لمظاهر الفشل الاقتصادي تكشف عن طبيعة تلك التهديدات، وعن تأثيرها في مسارات الحفاظ على الأمن الغذائي، والأمن السياسي في العالم، مثلما تكشف عن طابعها العنفي كمظهر من مظاهر التعسف العولمي، الذي تحاول الولايات المتحدة والغرب فرضه على العالم في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وباتجاهٍ يقطع الطريق على إعادة إنتاج الثنائيات القطبية في السياسة الدولية.
الحرب في أوكرانيا، ليست بعيدة عن تاريخ الصراعات السياسية والعسكرية والاقتصادية، ولا عن عقدة الهيمنة على شرق أوروبا، فضلا عن كونها جزءاً من “مهيمنات” ثقافات العقل الغربي، ومن رهاناته في السيطرة على فرضية التعايش العالمي، إذ ما زال هذا العقل يؤمن بأطروحات “نهاية التاريخ” التي حاول من خلالها فوكوياما تسويغ أدلجة الهيمنة، وإخضاع العالم إلى قدرية آيديولوجية محددة تقودها العولمة الأميركية.
إن السيطرة على أسواق الطاقة، وحقول الغذاء تمثل خيارا آخر لتلك الهيمنة، ولفرض أطروحتي “الاستحواذ والاستهلاك” كجزء من ستراتيجيات النظام العالمي الذي تملك شركاته العابرة للقارات تقانات الإنتاج والإرسال والإشباع والإخضاع، وهي تمثلات لشمولية الرأسمالية، ولإجراءاتها في السيطرة على الجغرافيا والمعابر المائية ومصادر الطبيعة، واحتكار إدارة السياسات المؤدية إليها.
حرب الغاز، والقمح، والأسلحة هي حرب للأسواق، وللادلجات، مثلما هي حرب ضدية للنمو العالمي، فضلا عن كونها تمظهرا لثقافوية القوة المسلحة بالرؤوس النووية، والقابلة لأن تتحول إلى تهديدٍ مستمر لاقتصاديات الدول التي تعاني من عُصاب ذاكرة الهيمنات التاريخية، سياسيا واقتصاديا وأمنيا، ومن أعراض التضخم الذي سيهدد العالم بالعطالة والجوع والفقر والبرد.