نافع الناجي
بعد أن عجزت مؤسسات القطاع العام الحكومية عن توفير الوظائف الكافية لشريحة الشباب والخريجين الطامحين بفرص عملٍ في كل المجالات عسى أن يحصلوا على مبتغاهم، انبثقت شرارة العمل في حرفٍ مختلفةٍ من خلال دورات تأهيلية أكملت شهورها الأربعة بدعمٍ من منظمات دولية كالاتحاد الأوروبي واليونسكو.
وتوّفر هذه الدورات برامج تدريب متكاملة، تمنح الشاب فرصة معززة لدخول سوق العمل ومنافسة أربابه بشكلٍ شريف ومشروع.
الكفاءة أولاً
سهيل محسن، مدير مركز التدريب المهني في البصرة أوضح لـ "الصباح"، أن "التدريب الذي ناله الشباب لمدة أربعة أشهر في أحد قصور وزارة الثقافة في المحافظة وبدعم من الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونسكو، مبني على الكفاءة، وهو تدريب ذاتي يعتمد على كفاءة المتدرب أولاً وحسن استيعابه لمفرداته".
وأضاف محسن "حاضر في الدورات التي أقامها مركزنا، مدربون متخصصون والدورات كانت مشفوعة بإجراءات السلامة المهنية والتدريب العملي والتطبيقي بآلات ومعدّات حديثة".
دورات مختلفة
دورات في الحدادة والنجارة والكهرباء والخرسانة والسباكة والتأسيسات الصحية، يسعى من خلالها بعض الشباب للحصول على عملٍ واعد في المستقبل، بعد أن سادت البطالة ربوع البلاد، وقللت من فرص إيجاد مصدر رزقٍ مستقرٍ لهم.
المتدرب مضر حاكم، قال "حصلنا على هذه الدورة التي تعلمت فيها سباكة التجهيزات والتأسيسات الصحية للدور والمصانع، والحمد لله فخلال أربعة أشهر أتقنت الكثير من الجزئيات والتفاصيل وأصبحت مؤهلاً لدخول سوق العمل بشكل احترافي".
وأضاف حاكم "لم أتصور يوماً انخراطي بالعمل في هذا المجال، لكن كما يقال فالحاجة هي أم الابتكار ولا بدّ من المرونة والانصياع لحاجات الزمن ومتطلبات السوق كي نواصل العيش في هذه الحياة الشائكة"، حسب تعبيره.
مهن للنساء أو للرجال
أما زميلته زهراء صافي، فتقول "أحاول البحث عن عملٍ ضمن المجال الذي درسته وتعلمته وهو التأسيسات الكهربائية المنزلية"، وأضافت "استفدت معلومات جديدة من ضمن مجالات الكهرباء عبر ورش تدريبية استمرت لأربعة أشهر، أعتقد أنها كافية لولوج سوق العمل في مجالات محددة برغم صعوبة هذه المهنة للنساء".
ولفتت صافي إلى أنه "لم يعد هناك مصطلح بأن هذا العمل للرجال وهذه المهنة للنساء في الزمن الحاضر، فكل المهن يمكن مزاولتها تقريباً من قبل كلا الجنسين، وزالت الفوارق بينهما بشكلٍ تام".
شبابية المجتمع العراقي
يشكّل الشباب في المجتمع العراقي نسبة طيبة، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء ما جعل صندوق الأمم المتحدة للسكان يصنفه إلى عدة فئات، نظراً لارتفاع نسبة القادرين فيه على ولوج سوق العمل.
ووصف صندوق الأمم المتحدة للسكان ارتفاع معدلات الشباب، خاصة بين الخمسة عشر والستين عاماً، كفئة سكانية بـ (الهبة الديموغرافية المهمة) التي يمكن أن ترفع من قدرات الدولة العراقية وإمكانياتها، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة وضع السياسات الملائمة لاستيعاب الطاقات الشبابية.
الهبة الديموغرافية
يقول الأكاديمي الدكتور مضر عبد الله لـ "الصباح": إن "الهبة الديموغرافية تحصل عندما تصبح نسبة سكان المجتمع أو الناشطين الاقتصاديين أي الذين يعملون أو الذين لا يعملون ولكنهم يبحثون عن عمل، حوالي 60 % "، وأضاف "هذه تمثل فرصة تاريخية للشعوب والمجتمعات لأن معدلات الإعالة عليها وعلى اقتصاداتها ستكون منخفضة".
وزاد الدكتور عبد الله "بحسب صندوق السكان الأممي، فإن العراق نجح عملياً في تخطي نسبة الإعالة، وهو مصطلح عادة ما تستخدمه الأمم المتحدة لوصف الدول التي تنخفض فيها نسبة الأطفال والمسنين، الذين يحتاجون إلى الإعالة الحكومية أو إلى الإعالة من الفئات الأخرى النشطة اقتصادياً، بمقابل ارتفاع نسبة الفئة الشابة وهو ما أفرزته مؤخراً عمليات المحاكاة للإحصاء السكاني في العراق".
توزيع شهادات مشاركة
وقامت اليونسكو بتنظيم حفل توزيع شهادات المشاركة والتفوق، الذي احتضنه قصر الثقافة والفنون في البصرة، وهي مناسبة قد تدفع بالفائدة لهؤلاء الشباب لتأهيلهم واستثمار طاقاتهم وإمكانياتهم الإبداعية لبناء بلدهم وتخليصهم من براثن الفقر والبطالة مع المراهنة على تخريج دفعات أخرى قريباً من هؤلاء الشباب بتخصصات ومهن أكثر وأشمل.