مسلسل {انحراف} وواقع الظواهر الاجتماعية

استراحة 2022/04/17
...

 ضحى عبدالرؤوف المل
يشير كاتب مسلسل" انحراف" الذي يعرض حاليا في رمضان 2022 إلى الواقع البشري بعيدا عن الأفلاطونيات والمثل العليا. إذ يسلط الضوء على سلوكيات الانسان النفسية مريضاً أو معافى، فالتغلغل في العمق النفسي هو القدرة على تحليل الفعل وردة الفعل، وبتطور درامي حديث قد يكون مغايراً من حيث النظرة الزمنية للموضوع. 
الجوهر الحقيقي للمسلسل
الا أن ما يطرحه كاتب المسلسل "مصطفى شهيب" من خلال مسلسل "انحراف" (النفسي اجتماعي) وشخوصه، التي يمكن وضعها تحت خانة  الظواهر البشرية التي تتمتع بخصال عصرها بعيداً عن المبالغة في قدرة النفس على التحكم بسلوكياتها وسلوكيات الاخرين المرضية او الأحرى المتعبة نفسيا، او تلك المصابة بصدى ردود الأفعال كما فعلت الطبيبة النفسية "حور" اعلاميا، لتحصد من اطلالتها المتلاعب بها الكثير من  المرضى النفسيين او المتعبين النفسيين إن صح القول، كأننا أمام حكايا من الواقع هي الجوهر الحقيقي للمسلسل.  فهل ستصبح شخصية  حور التي تلعب دورها الممثلة روجينا معقدة جدا رئيسيا؟ أم أن تعقيد الشخوص هو الأزمة الاجتماعية الحقيقية التي يسلط الضوء عليها الكاتب مصطفى شهيب؟
دهشة المشاهد
يسرد المريض الحالة النفسية التي دفعته لفعل يولد من عدة سلوكيات تحيط به، بعيداً عن التعميمات الاجتماعية،  لأن لكل مريض حالة ما تتحكم بها الطبيبة" حور"  من خلال الانسجام بين الحدث الذي يستحيل التنبؤ به في الحلقات الأولى،  وهذا ما يثير دهشة المُشاهد ويدفعه للمتابعة، دون أن يجهض المؤلف عنصر الغموض الإستفزازي غير المكتمل، وبعيداً عن التكثيف المشهدي. فاللقطات  تؤدي الى خلق بيئة درامية أخرى توائم التأليف، وتتابع تطور الشخصية بايجاز مختصر.  ليتم ترتيب الحقائق عبر المخيلة،  والتي من الممكن أن تكون  فوضوية في بعض منها، كمشهد المحقق الذي يترك ابنته في سيارة ليلاحق سارق المحفظة، والذي يتخذ نوعا من أنواع رفض لأشكال الحياة الأخلاقية، الذي يخلق حيرة ما بين الأهمال العائلي والالتزام المهني، وهذه سمة مميزة في التأليف المثير للمشاهد قبل التمثيل والتصوير والإخراج وما الى ذلك. فهل ستهيمن الشخصية الأساسية وهي الطبيبة حور على مسار الحلقات بشكل منطقي كما في الحلقات الثلاث الأولى؟
الوعي واللاوعي
من المبكر الكلام النقدي عن مسلسل "إنحراف"، فالبحث عن الأدوات الدرامية التي ينجح المسلسل من خلالها عالقا بين الممثل والمخرج. لكن  التعبير عن الواقع البشري في مسلسل نفسي اجتماعي يكافح فيه المؤلف "مصطفى شهيب" الى جانب الممثلين والمخرج وطاقم العمل بأكمله مع أحداث الحياة الفعلية بعيداً عن المبالغة. لإبراز الصراع النفسي وأهميته بين الوعي واللاوعي، كما في الطبيب الذي قتل زوجته والطبيبة التي قتلت بغموض رجل الأعمال، هو الذي دفعني للكتابة عن  النص الدرامي بشكل عام، والمرتبط بحالات هي من لب الواقع البشري،  وضمن السياق الاجتماعي النفسي المنطقي والمتمسك بالحداثة أيضاً وبروحية الممثلة روجينا وديناميكيتها الواضحة بسلاسة في الحلقات الأولى. فهل الحياة النفسية تنكشف عن الأطباء أنفسهم؟.
"مصطفى شهيب" و"حور"
 وهل تطور الشخصيات هو التحليل الذي يعيد اظهار الحقائق فيما بعد؟  أم أن المؤلف "مصطفى شهيب"  جذبنا نحو الأفعال والمشاعر الأساسية، التي تحيط بنا فعليا في واقع غير مستقيم، وضمن دراما هي عبارة عن خطوط واقعية متقطعة تتلاقى ضمن نقاط توحدها الطبيبة " حور" عبر رؤيتها، التي ينجذب اليها مريضها، وبالتالي يعدها الظل الذي يتبعه في كل مكان . فتتضح تصوراتهم عن الحياة بشكل مختلف وبشكل قسري يسمح لهم باتخاذ المواقف المستنيرة او المظلمة، وبذلك تتضح أهمية العنوان للنص وبالتالي لا يمكن فهم اي شخص نتحدث معه ما لم نعرف كيف يتصرف ؟ فهل سيكمل المسلسل بنجاح كما بدأ. وهل سيتميز مسلسل انحراف من خلال النص وأبعاده الواقعية، حيث يتشكل في كل حلقة موقفا تحليليا مختلفاً؟.