عباس رضا الموسوي
تسببت شحة المياه في محافظة الديوانية بمشكلات زراعية وبيئية كبيرة خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً بعد أن جفت الجداول وتفطرت الأراضي الزراعية نتيجة العطش، ما زاد من عناء الفلاحين الذين يعولون على الزراعة في كسب قوتهم، مبدين أسفهم على ما آلت إليه الأمور في محافظتهم التي تعد من المحافظات المعروفة بطابعها الزراعي، إذ إن ثلثي سكانها يعملون في القطاع الزراعي.
ورغم محاولاتهم الكثيرة لإنقاذ محاصيلهم من الهلاك عبر طرق شتى، منها التظاهر والاحتجاج والمطالبة بالتدخل السريع لإيصال المياه إلى أراضيهم، إلا أن شحة سامعهم كانت بقدر شحة المياه التي جعلتهم يخسرون مالهم
وجهدهم.
خسارة الجهد والمال
في حديثه لـ «الصباح» عما حل به بسبب شحة المياه يقول الفلاح جاسم البيضاني: «لقد خسرت كل ما لدي من مال، وبت مديوناً للسوق بسبب شحة المياه»، موضحاً أنه استأجر ١٢٥ دونماً في تخوم قضاء السدير لاستصلاحها وزرعها بمحصول القمح، غير أن شحة المياه في هذا الموسم قضت على المحصول الذي أصبح طعاماً للطيور.
بينما يقول الفلاح عبد الأمير محمد: «لقد حلت الكارثة بأغلب الفلاحين بسبب كثرة الأراضي المزروعة وقلة كميات المياه»، مشيراً إلى أن المحاصيل التي نبتت هي الأخرى في خطر ألا تحصل على الريات الكافية.
خراب المراعي
ولأن المراعي بحاجة إلى الأمطار لإنبات العشب والجداول لسقي الحيوانات، فإن شحة الأمطار ومياه الجداول باتت تهدد الثروة الحيوانية بشكل لافت للنظر، ويقول المربي حسين الزاملي: «إن شحة المياه وشبه انعدام الأمطار أثرا مباشرةً في مربي الحيوانات، خصوصاً الأبقار والأغنام والجاموس، إذ خلت المراعي من العشب وبعض الجداول من المياه، متحدثاً عن هجرة مؤقتة للعديد من مربي الحيوانات إلى المناطق التي تتوفر فيها المياه، خصوصاً القريبة من الأنهار الكبيرة»، مؤكداً «هلاك أعداد غير قليلة من الحيوانات بسبب الأمراض التي تنتج عن الجوع والعطش الشديدين».
أضرار اقتصادية كبيرة
وعن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن هذه الكارثة، يقول رجل الأعمال حبيب الخزاعي: «إن الموسم الزراعي الحالي وبشقيه النباتي والحيواني تضرر بشكل واضح بسبب شحة المياه، وقلة تساقط الأمطار». مبيناً أن «هذه الظاهرة سيكون لها ارتداد عكسي على الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «ضرورة تبني الحكومة المقبلة قرارات مدروسة وعاجلة للحد من شحة المياه ومن أهمها رفع التنسيق مع الدول التي تحتضن منابع المياه»، مؤكداً أن «الأسواق المحلية ستشهد خلال الفترة المقبلة ارتفاعاً في أسعار اللحوم الحمراء بسبب المبالغ التي بات المربي يدفعها لشراء الأعلاف التي خلت منها المراعي».
المشكلة خارج الإرادة
بدوره قال مدير الموارد المائية في محافظة الديوانية مسافر داخل مطلق: إن شحة المياه مشكلة دولية يعاني منها عدد من دول الجوار بسبب قلة تساقط الأمطار والثلوج، مشيراً إلى تبني الوزارة معالجات للحد من الظاهرة، ومن بينها رفع التجاوزات الموجودة على الجداول والأنهار والتي أتت بثمارها وبشكل كبير، فضلاً عن تبنيها خطة الري المغلق والتي تعد الحل الأمثل لهذه الشحة، كونه يقلل من الضائعات المائية. مشيراً إلى استمرار مديرية الموارد المائية بأعمال كري وتنظيف الجداول والأنهار، لغرض ايصال المياه إلى المناطق البعيدة.
اتساع رقعة التصحر
وعن المشكلات البيئية التي تسببت بها شحة المياه، ومدى تأثيرها في صحة الإنسان ومستقبل المساحات الخضراء المحيطة بالمدن، يقول مدير البيئة في محافظة الديوانية أسعد ناظم جبر: أن لشحة المياه وانخفاض الواردات المائية بالنسبة لنهري دجلة والفرات، وكذلك قلة الأمطار آثاراً بيئية سلبية كبيرة على الواقع البيئي، تمثلت في انحسار المساحات الخضراء، وزيادة ملحوظة في نسبة التصحر والجفاف، وزيادة في معدلات هبوب الغبار والأتربة.
وأضاف جبر: إن الأثر السلبي أيضاً يتضح في التنوع الأحيائي وزيادة الإجهاد على الكائنات الحية في ظل تغير البيئات والحاجة إلى التأقلم مع واقع بيئي جديد، مشيراً إلى استمرار ملاكات مديرية البيئة بمتابعة الآثار التي تنتج عن شحة المياه لغرض الإحاطة بها.
استعدادات للحصاد
ورغم المشكلات التي تنتج عن شحة المياه وآثارها السلبية في القطاع الزراعي، إلا أن الفلاحين في محافظة الديوانية يبذلون الجهد الجهيد لرفد السوق المحلية بمنتوجاتهم الزراعية، إذ يقول مدير الزراعة في محافظة الديوانية حسن مطر: إن المديرية أنهت استعداداتها للمباشرة بموسم حصاد الحنطة رغم التحديات، موضحاً أن الاستعدادات شملت مختلف الجوانب التي من شأنها تسهيل مهمة الفلاح، وبضمنها افتتاح ٦ مراكز للتسويق وتجهيزها بالكوادر الكافية، للتقليل من فترة تسويق الفلاح لمحصوله، مؤكداً قيام مديرية الزراعة بتشجيع المزارعين والفلاحين على زراعة مختلف المحاصيل الزراعية، وكثفت من الدورات الإرشادية التي تقام في الشعب الزراعية، بمشاركة طيف واسع من الفلاحين والمزارعين، وغيرها من إجراءات
تشجيعية.