شهدت الصناعات الحربية العراقية منعطفاً جديداً خلال السنوات الأخيرة الماضية، لا سيما بعد إنزال الهزيمة بعصابات داعش الإرهابية التي كشفت الحاجة إلى الاعتماد الذاتي بتوفير الذخيرة والأعتدة كثيرة الاستهلاك كقنابر الهاون والصواريخ القصيرة والأعتدة الخفيفة والمتوسطة.
أربعة عشر مصنعاً حربياً وثلاثة عشر مصنعاً نحاسياً، تنتج صناعات حربية ومدنية على حدٍ سواء، بسعي حثيث لتجهيز القوات المسلحة بالمنتجات العسكرية والعتاد الخفيف والمتوسط، بالإفادة من الموارد البشرية ذات الخبرة العالية في مختلف الخطوط الإنتاجية لاستحداث صناعات وتقنيات عسكرية متنوعة.
طموحات وآفاق
المهندس محمد صاحب الدراجي رئيس هيئة التصنيع الحربي، يقول «حالياً نقوم بإنتاج الأعتدة والذخيرة الخفيفة والمتوسطة وبعض حشوات القذائف والصواريخ وأيضاً قذائف دبابات تي 72 الروسية الصنع، فضلاً عن إنتاج صواريخ قصيرة المدى»، وأضاف «العراق لديه مشروع طموح عبر الاتفاق مع تركيا لنقل التكنولوجيا التركية بغية فتح خطوط إنتاج جديدة لإنتاج بعض الأعتدة المتوسطة والخفيفة وتصنيع الأسلحة والطائرات المسيّرة».
ولفت الدراجي إلى أن «مصانع الهيئة حالياً لا تنتج الأسلحة بشكلها المعروف، كما أن الموجود من خطوط الإنتاج لا يمثل نسبة 1% من طموحاتنا بهذا الصدد»، حسب تعبيره.
خطوط إنتاجية جديدة
أربعة خطوط إنتاجية متكاملة تضم خطاً لتصنيع العربات القتالية المدرعة بقدرة مئة وثمانين عجلة سنوياً، وخطين لإنتاج الألغام المضادة للدروع والطائرات المسيّرة الاستطلاعية وخطاً رابعاً لإنتاج قنابر الهاون بعيارات مختلفة، هي أبرز الصناعات الحربية التي ينتجها العراق في الوقت الراهن.
ويواصل الدراجي حديثه بالقول «اتفقنا مع وزارة الدفاع لرفدنا بالمهندسين الشباب الموجودين عندهم، كما أن البنى التحتية تحتاج إلى تكنولوجيا جديدة نحاول أن نوفرها ونؤمن التزامات الدول تجاه هيئة التصنيع الحربي العراقية، وكيفية الحصول على هذه الالتزامات وإجازات التصنيع وتراخيصها اللازمة».
ويؤكد القائمون على الصناعة الحربية في البلاد، أن المرحلة المقبلة ستشهد التعاقد مع عددٍ من الشركات العالمية الرصينة بغية تطوير المنتج الحربي العراقي والوصول به إلى تكنولوجيا تتناسب وطبيعة التحديات التي يمر بها العراق وموقعه الجغرافي الستراتيجي.
صيانة المقاتلات الهجومية
في سياقٍ منفصل، وضمن حملة (تحدي) تمكّن الجناح الفني لطيران الجيش وبجهودٍ ذاتية من إصلاح عددٍ من الطائرات المروحية القتالية المتعددة المهام، والتي سبق أن تضرر بعضها أثناء عمليات التحرير من عصابات داعش الإرهابية منذ العام 2014.
وأوضح الفريق الطيار الركن سمير زكي، قائد طيران الجيش، أن «ملاكاتنا الفنية والهندسية وبمتابعة من القائد العام للقوات المسلحة والسيد وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، بعد رفدنا بالمواد الاحتياطية الجديدة، تمكنت من إصلاح مجموعة مهمة من المروحيات العمودية المقاتلة التي كانت الخبرات الأجنبية تشرف على صيانتها».
نجاح الخبرات العراقية
وبعد أن كانت أعمال الصيانة لتلك المروحيات حكراً للكوادر الأجنبية، أصبح اليوم جزء من مهام إصلاحها على أيدي الخبرات العراقية، إذ تم بنجاح استبدال أجزاء منها في قاعدة التاجي الجوية الأولى.
ويقول الفريق الركن قيس المحمداوي، معاون رئيس أركان الجيش، أن «الملاكات الفنية العراقية من مهندسين ضباط أو مراتب من أبطال طيران الجيش، تمكنوا خلال هذه الحملة من تأهيل وإصلاح 17 طائرة سمتية مقاتلة لغاية الآن».
وأضاف «من ضمن الطائرات التي قمنا بصيانتها، سبع طائرات نوع مي 35، وأربع طائرات من فئة مي 28، فضلاً عن ست طائرات نوع مي 17».
توفير العملة الصعبة
من جهته كشف المقدم تيسير سعدون, آمر وحدة الهندسة الجوية عن أن «جميع الطائرات العمودية المتضررة خلال عمليات التحرير وصل عددها منذ العام 2014 ولغاية الآن إلى 320 طائرة»، مضيفاً «معظم هذه الطائرات الهجومية كانت أضرارها تصل إلى حوالي 35 بالمئة، بعد مشاركتها في معارك تحرير المدن من هجمات عصابات داعش
الإرهابية».
ولفت سعدون إلى أن «ملاكاتنا الوطنية وفرت ملايين الدولارات من العملة الصعبة عبر توطين صيانة هذه الطائرات بجهودها
الذاتية».
وسبق أن سجّل سلاح طيران الجيش انتصارات كبيرة على أعداء الوطن بكفاءة الطيارين العراقيين بقيادة مقاتلاتهم العمودية الهجومية المتعددة المهام، وأصبح هذا السلاح هو عماد طيران الجيش، بينما أضاف الجناح الفني لطيران الجيش إنجازاً جديداً بقيام ملاكاته الوطنية بإصلاح وتأهيل الطائرات التي تعرضت لإطلاقات نارٍ معادية، بتصليح الطائرات المروحية القتالية بجهود عراقية لتكون جاهزة لحماية سماء الوطن في أي وقتٍ
ومكان.