ركبنا ع الحصان

ثقافة شعبية 2022/04/28
...

كاظم غيلان 
شغفت مبكراً بصوت فهد بلان لما فيه من قوة ممزوجة بعذوبة مصدرها بيئته الجبلية، ولذا تفرد كثيراً عن مجايليه، تحس في صوت بلان فحولة واضحة للحد الذي صرحت به مطلقته الفنانة مريم فخر الدين في حوار صحفي معها حين سألها المحاور عن أجمل ما يتميز به فهد فأجابت بصريح عبارتها : فحولته.
استمعت لأغنيته(ركبنا ع الحصان) في أول بث لها بينما كنت مسافراً بالقطار الصاعد من البصرة إلى الناصرية ذات نهار صيف سبعيني، وأطربتني جداً، إذ تفحصت كلماتها ووجدت انسجاماً معها فكلانا: نتفسح معاً.. بلان على ظهر حصان جبلي في بلدته(السويداء) وأنا في قطار عراقي، ولذا تشكل في خاطري مضمونها السياحي. حاولت التعرف أكثر وأوسع وتحقق لي ذلك بعد سنوات طويلة، إذ شاءت الأيام أن التقي وأحاور -صحفيا-  واحداً من أبرز مقربيه ألا وهو الشاعر سعدو الديب الذي رحل قبل أعوام قليلة، التقيته بالشام إذ وجدته يتوفر على مواهب عديدة فهو شاعر يكتب العامية السورية وملحن وكاتب وشكل مع فهد ثنائياً، إذ كتب له أغنية رائعة بعنوان (يوم ورا يوم طالت الفرقا).
كانت صورة صديقه فهد بلان تشغل ركناً من صالة الاستقبال التي حاورته بها لملحق (ثقافة شعبية) والحصان يرتبط بمصطلح الفروسية في حياتنا العربية التي تزخر بالحروب والغزوات والمبارزات، وهذه أيضاً تلقفها فهد بلان يوم غنى عقب نكسة حزيران ١٩٦٧: (وينك يلي اتعادينا ياويلك ويل .. حنا لليل..حنا للخيل). ومن ثم أدخل الحصان لدائرة السخرية حين تراشق صدام حسين وحسني مبارك عبارات الاستفزاز إذ أطلق الأول لقب (حسني الخفيف) على الثاني الذي رده بالقول والسؤال: (مين الخفيف؟ هو أنا اللي ركبت الحصان)؟) في إشارة لصدام حين ركب الحصان متبختراً تحت قوس النصر) وهكذا أدخل الحصان العربي دائرة الاستهانة.   إلا أنه وبرغم كل ما تقدم ظلت رمزية الحصان تصر على البقاء فروسية ومهابة تاريخية إذ ارتبط بـ (أمجاد الأمة) مثلما ارتبط أيضاً بدلالته السياحية التي عبر عنها فهد بلان. ولأننا على وشك وداع الشهر الكريم فلا أريد أن أخفي سراً بأنني لم أصم الشهر لأسباب صحية مشروعة فقد اعتدت الجلوس بمقهى شعبي مجاز للإفطار، وسألني من كان جالساً بجانبي بعد أن عرف بأنني شاعر إن كنت متابعاً لبرامج ومسلسلات رمضان هذا العام فأجبته بالنفي، مع ذلك دفعه الفضول بأن يخبرني أن هناك أكثر من شاعر وفنان قد سقطوا من الحصان بأحد البرامج بناءً على رغبة مقدمته أو طلبها، فما كان مني إلا أن أخبره بالقول:  لا يعنيني من هذا كله سوى سلامة الحصان من كل مكروه وعدت إلى المقطع الأخير من أغنية فهد بلان:
وربحنا الحصان قعدنا على النجيلة
وزوقنا المكان باحلامنا الجميلة 
وارتاح الحصان وحمداً لله على سلامته وراحته بعد أن 
خف وزنه.