رمزيَّة الأعداد.. حظٌ ونحسٌ أم رهابٌ وشؤم

بانوراما 2022/05/12
...

  فيرينا ﮔريب
  ترجمة: ليندا أدور
يجري اختيار إقامة حفلات الزفاف في مواعيد بأرقام تعتبر جالبة للحظ بعموم أنحاء العالم، ففي الصين، كانت تقام العديد من حفلات الزفاف الجماعية في تواريخ مباركة، وعلى نحو خاص في العامين  2008 و2009، نظرا لما يمثله الرقمان (8) و(9) من أهمية كبيرة في بعض الأجزاء من العالم، اذ يرتبط الرقم (8) هناك، على سبيل المثال، بالثراء والصحة. وفي يوم 8/8/2008، تمَّ زفاف أكثر من 315 ألف زوج، منهم 15 الف زوج في بكين لوحدها. أما الزواج في يوم 9/9/2009، فقد ارتبط بمستقبل سعيد وطويل الأمد، لأن طريقة نطق الرقم (9) بالصينية تشبه كلمة « jiu» والتي تعني «طويل الأمد». 
 
تعد الأرقام المزدوجة- الـ(8 – 9) بشكل خاص- من أرقام الحظ السعيد في الصين، اذ يقال إن “الأشياء الجيدة تأتي على شكل أزواج”، مع ذلك، لا يعد الرقم (2) سيئا، لأن الأرقام المزدوجة تعد مستقرة ومتوازنة.
مع ذلك، هناك أرقام محددة غالبا ما ترتبط بتأثيرات محتملة لها قد تكون إيجابية وسلبية وتختلف من ثقافة الى أخرى. ففي الهند، مثلا، يعد الرقم (8) مثالا للحظ السيئ، في حين أن الصين تنظر للرقم (4) كجالب للنحس بسبب التشابه الصوتي بينه وبين كلمة تعني الموت. الأمر ذاته موجود حتى خارج حدود الصين، اذ يتحاشى الكثير من الآسيويين الرقم لمدلولاته السلبية، ففي المباني، على سبيل المثال، يلي الطابق الثالث الطابق الخامس، وفي ناطحات السحاب، أحيانا، يتم تخطي الطوابق (40 الى 49). وفي الصين، كما في تايلند وفيتنام أيضا، يمثل الرقم (7) رمزا لسوء الحظ، اذ يعد الشهر السابع هو شهر الأشباح. وعلى العكس من ذلك، ينظر الى الرقم (7) في الثقافات المسيحية والمسلمة واليهودية على أنه رقم الحظ، ففي الكتب المقدسة للأديان المذكورة، هناك أمثلة عديدة يقترن فيها الرقم 7 بأشياء جيدة، كما ورد في الإنجيل المقدس أن العالم خُلق في سبعة أيام. 
 
رهاب 13
أما الرقم 13، في العديد من الثقافات، فهو رقم الفأل السيئ، فالرهاب الخرافي من هذا الرقم أصبح له مصطلح خاص به هو (تريسكيديكوفيا- (triskaidekaphobia، ولذلك فإن بعض شركات الطيران تستغني عن الصف 13 ضمن أسطول طائراتها. يشار الى أن تأريخ “الجمعة 13” ليس فقط غير مفضل من قبل الأزواج كيوم للزفاف، بل أصبح راسخا في الثقافة الشعبية من خلال فيلم الرعب الشهير الذي حمل الاسم نفسه. وقد يتعدى الخوف من هذا التأريخ مسألة الخوف ليتحول الى “فوبيا” لدى أولئك الذين يخشون حتى النهوض من الفراش في ذلك اليوم بسبب معاناتهم من ما يسمى “ paraskavedekatriaphobia” ، التي تأتي من كلمتين باليونانية “paraskevi” وتعني يوم الجمعة و «dekatria»وتعني (13). 
يقول الكاتب أودو بيكر، في كتابه “معجم الرموز” إن الأرقام “في معظم الثقافات والأديان هي عبارة عن رمز يحمل معاني غنية، وفي كثير من الأحيان معقدة وغير شفافة”، مشيرا الى أن الصلة بين الأرقام والمعنى موجودة منذ آلاف السنين، منذ العام 2900 قبل الميلاد في بلاد ما بين النهرين، على أقل تقدير.
كانت معاني الأرقام شائعة في ثقافة فيثاغورس، كما أن تعاليم الكابالا (تقليد صوفي يتم تناقله شفهيا لدى اليهود)، والتكهنات السحرية في العصور الوسطى، يعرف أن لها  صلات بين الأرقام والمعنى. حتى يومنا هذا، لا تزال رمزية الأرقام موجودة، ضمن علم الأعداد الباطني، والذي وفقا لبيكر، يضم “تكهنات، في الغالب، تكون لا أساس لها تماما”.
 
تواريخ مباركة
من الناحية الإحصائية،  فإن شهر شباط لا يحبذ إقامة حفلات الزفاف خلاله في ألمانيا، فبين العامين 2011 و2020، تمت إقامة أقل من 
أربعة بالمئة بالمئة فقط من مجموع حفلات الزفاف في هذا الشهر من الشتاء. 
مع ذلك، فإن التواريخ تصبح أكثر شيوعا عندما تصبح الأرقام متواليات متناظرة ومعكوسة (أي تقرأ طردا وعكسا)، فقبل عامين، سجل التأريخان (2/2/2020) و (20/2/2020 ) ذروة في عدد الزيجات لشهر شباط. إلا أن رمزية الأرقام غالبا ما تأتي بعكس مصلحة الأزواج، فقد كشف باحثون من جامعة ملبورن في العام 2016، من خلال دراستهم لسجلات الزواج والطلاق الهولندية لزيجات أقيمت في تواريخ  ذات أرقام مزدوجة أو مكررة كانت معرضة للفشل بنسبة 18 بالمئة أكثر. يرى ولفغانغ كروجر، المعالج النفسي والمؤلف الألماني بأن سبب هذه الظاهرة هو أن الأزواج الذين اختاروا مثل هذه التواريخ للزفاف، كانوا مهتمين بالمظاهر الخارجية، في الوقت الذي 
افتقروا فيه الى قوة البقاء معا والتواصل الداخلي في ما بينهم في وقت الأزمات. 
وسواء كان الأمر يتعلق بالرمزية أم لا، فالتواريخ التي يقل فيها عدد الأرقام تكون سهلة التذكر، لذا يختارها البعض موعدا لزفافهم لأسباب عملية بحتة- ربما حتى أملا منهم ألا ينسوا هذه الذكرى بسهولة. فلعقد عهد الحب لا بدَّ من اجتماع شخصين، لذا لا عجب أن ينظر الى الرقم 2 على أنه رقم “الحب الحقيقي والعاطفة المتبادلة والاقتران والحياة الإجتماعية”، وهذا هو ما طرحه العالم الألماني، هاينريش كورنيليوس أغربيا فون نيتشايم، في كتابه “ثلاثة كتب للفلسفة الغامضة” في القرن السادس عشر والذي تناول فيه العلاقة بين السحر والدين. 
وكان تأريخ 22/2/2022 فرصة للأزواج الذين رغبوا أن يعكس تأريخ موعد زفافهما، مدى قوة العلاقة التي تربطهما. 
ويشار الى أن الأرقام المزدوجة في ألمانيا على أنها “رقم الثمالة”، اذ غالبا ما ترتبط رؤية الأشياء مزدوجة بحالة السكر والثمالة، في ما يراها بأنها تمثل رمزا للقوة، اذ غالبا ما ينسب الناس اليها تأثير معين من الحظ.