استعادة (صويحب)

ثقافة شعبية 2022/06/02
...

كاظم غيلان 
 
نصب شباب تشرين أثناء حركة احتجاجهم في العام 2019 خيمة بساحة التحرير أطلقوا عليها اسم الشاعر مظفر النواب، وراحوا يبثون أغنية (صويحب) التي وضع ألحانها وأداها الفنان العراقي سامي كمال قبل سنوات في منفاه القسري، وغدت القصيدة الأغنية لازمتهم طيلة أشهر الحركة.
قبل أيام وأثناء استقبال جثمان النواب أعاد الشباب  الأغنية ذاتها، وراحت جموع المشيعين ترددها معهم.
الأغنية بحقيقتها هي قصيدة عنوانها (مضايف هيل) كتبها الشاعر في العام 1960 عقب حادثة استشهاد القائد الفلاحي (صاحب ملا خصاف)  - صويحب- حسب التصغير الذي يحصل عادة في الأسماء بريف الجنوب العراقي.
القصيدة - الأغنية هذه اعتمد شاعرها مزج الثوري بالجمالي، مبتعداً عن الرثاء المشحون بالعويل، فغدت أغنية وطنية لاهبة بصفاء مصابيح الثوار في كل زمان عاشوا وبأي مكان وجدوا، لذا فلا فرق بين ريف (الكحلاء) و(ساحة التحرير) هكذا فهم شبابنا الأمر بوعيهم الممزوج بالغضب النبيل.
الغناء زاد الثوار بوصفه حاجة إنسانية دائمة وهذا يعيدنا لتلك الجملة الباهرة التي أطلقها ثائر فيتنام القائد (هوشي منه) التي لخص بها الأمر كله: إلى جانب الكفاح يجب أن نتعلم كيف نغني.
الأغنية أحبها شباننا فهي خالية من الردات العشائرية والطائفية التي يطلقها النفر الأمي من المحسوبين على  شعر العامية العراقية الذي أخذت مساحات وعيه الجمالي تضيق .. وتضيق وربما تتلاشى في ظل توفر من يروج ويمول كل هذا الخراب على حساب القيم العليا في الإدراك والجمال الذي ابتدأه مظفر النواب بدءاً من (للريل وحمد).
ودعنا وفي مقدمتنا شبان تشرين مظفرنا النواب بـ (صويحب) فكانت علاقة حميمية بين انتماء مظفر لهم وانتمائهم لقصائده التي أسهمت بتربية ذائقتنا وهندستها.
كم من شعر العامية والكثير من قصائده الرنانة الصاخبة ماتت، وكم امتدت الحياة بـ (مضايف هيل) التي شرعت أبوابها لشباننا وهم يعملون على إدامة الثورة والتأجيج بالشعر والغناء.