عودة المتطوعين الأميركان من أوكرانيا

بانوراما 2022/06/18
...

فوجئ المقاتل الأميركي داكوتا أن القصف الروسي لم يكن أكثر ما أصابه بالذعر. وتطوع جندي المارينز للقتال في أوكرانيا، وكان يحتمي خلف جدران، بينما إطلاق النار الروسي يضربها بقوة وشعر باندفاع قذائف المدفعية مرات كثيرة الى درجة تكراره عبارة {هذا طبيعي} لتصبح نكتة داخل وحدته العسكرية.
 
 أليكس هورتون
 ترجمة: خالد قاسم
 
يقول داكوتا إن الأمر غير الطبيعي هو الشعور بالفزع أثناء اختبائه وسماعه المروحيات الهجومية الروسية، وهي تهاجم موقع فريقه من صيادي الدبابات، وهي أكثر اللحظات اضطرابا مرت عليه هناك.
عاد داكوتا الى منزله في ولاية أوهايو بعد سبعة أسابيع من القتال، وهو أحد أفراد فيلق المتطوعين الغربيين ضد روسيا، وعلى غرار الآخرين فقد تكلم بشرط عدم ذكر اسمه كاملا، بسبب مخاوف على سلامته وأسرته وأصدقائه.
وصف مقاتلون من الولايات المتحدة وغيرها تناقضات شديدة بين ما توقعوا أن تبدو عليه الحرب وما عاشوه بالفعل، واستذكروا خوض معركة بتجهيزات وأسلحة قليلة، والإثارة المتقطعة لتفجير عجلات روسية، والشعور المؤلم بشأن إمكانية العودة الى أوكرانيا. وينوي البعض القيام بذلك، لكن آخرين رأوا أصدقاءهم يقتلون وقرروا الاكتفاء بذلك.
حصل منعطف كبير بالنسبة للكثيرين في أواخر نيسان، عندما قتل فرد آخر من المارينز ويدعى ويلي جوزيف خلال قتال شمال غرب مايكولييف وهي منطقة شهدت قتالا ضاريا، لأن القادة الروس أرادوا توسيع مكاسبهم على الأرض. وتبقى الظروف الكاملة المحيطة بموت ويلي غامضة، ولم يسترد أصدقاؤه جثته.
 
تشجيع ضمني
لا يوجد أفراد معروفون من الجيش الأميركي في أوكرانيا. ومع أننا لا نعرف العدد المحدد للمتطوعين الأميركيين، هناك تقديرات تشير الى أربعة آلاف شخص عبروا عن اهتمامهم بعد الغزو نهاية شباط، ودخل كثيرون القتال بعد مناشدة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شخصيا المتطوعين الأجانب للرحيل الى هناك والقتال.
انجذب المحاربون القدامى للحرب الأوكرانية واكتسبوا جرأة من تدريبهم القتالي ورغبتهم بتطبيق مهاراتهم في نزاع، يبدو للكثيرين صراعا بين الخير والشر.  لكن هذه الحرب جذبت محاربين قدامى غربيين لم يشتركوا سابقا بالقتال، أو جربوا حالات تمرد غير متماثلة وليس هذا النمط من الحروب ذات المجال الجوي المتنازع عليه والقصف الصاروخي المستمر وأسراب الطائرات المسيرة المتطورة تقنيا من حيث الاستهداف الحراري.
سافر دين ميلر، وهو من المحاربين القدامى، الى بولندا لتنفيذ دور أكثر هدوءا وأهمية، وهو مساعدة ادارة اللوجستيات لمراكز اغاثة اللاجئين وإرسال إمدادات ضرورية عبر الحدود الى أوكرانيا. أمضى داكوتا أربع سنوات في قوات المارينز، وكان اختصاصه صواريخ مضادة للدبابات، وفقا لسجله العسكري، ولم يخض قتالا من قبل، لكنه أمضى بعض الوقت في أفغانستان بصفة متعاقد.
أوقف داكوتا دراسته الجامعية ليتمكن من مقاتلة الروس، قائلا أن "الغضب الصالح" حفزه للذهاب. ووصل أوكرانيا بعد أيام من الغزو، ويذكر أن القادة كانوا تواقين للاستفادة من معرفته بأسلحة جافلين أميركية الصنع المضادة للدروع، والتي نقل الآلاف منها الى الجيش الأوكراني.
ربطت مجموعة داكوتا من المتطوعين الأجانب بإحدى وحدات الجيش الأوكراني ونقلتها حافلة مدرسية صفراء الى كييف، وأرسلوا منها الى الشمال الغربي الى بلدة محاصرة خارج العاصمة. حصل ذلك في بداية آذار ونشروا أسلحة مضادة للدبابات وصواريخ جافيلين، لكن من دون بطاريات لوحدة الإطلاق، ومن دون مصدر قوة فلإن تلك المعدات غير قابلة للعمل. يستذكر داكوتا احتراق المنازل وهروب بعض المتطوعين من ساحة القتال، وكان قد أمضى فترة قتاله هناك ضمن منطقة كييف، ومن ثم أرسل الى الجنوب لتدريب آخرين على استخدام صواريخ جافيلين. 
وعجز في إحدى المهمات عن استهداف دبابة روسية، بسبب إصدارها بصمة حرارية باردة، ومن ثم صعد أربعة جنود على بدن الدبابة ليدخنوا السجائر، مما أعطى السلاح مؤشرا على حرارة أجسامهم، فدمر صاروخه الدبابة، وهي ضربة صورت بالفيديو.
 
تجربة مريرة
قصفت المدفعية الروسية موقعهم بعد نصف ساعة على تلك الضربة، وانسحب فريق داكوتا تحت غطاء الظلام. وشعر بعد أيام بحالة غثيان ناتجة عن حركة العجلات، وجرى تشخيصه بأنه مصاب بخلل في الدماغ بسبب قربه من القصف، فعاد الى موطنه نهاية نيسان حيث يتعافى حتى الآن.
يصف متطوعون آخرون حالات إحباط مختلفة، ومنهم باسكال وهو محارب مخضرم من الجيش الألماني، وكان ضمن فريق مع مقاتل أميركي قتل خلال معركة في نيسان الماضي، ويقول إن المشكلات بدأت بالظهور أثناء مباشرتهم لمهمتهم الأولى.
شكَّ الفريق بأن أجهزة الراديو الخاصة بهم تخضع لمراقبة القوات الروسية، وافتقروا للبطاريات الإضافية، ما دفعهم للاعتماد على هواتف خلوية غير مضمونة وتطبيق اتصالات واتساب لغرض الاتصال مع جهات اخرى، وبعد فترة وجيزة غيروا خططهم لأن موقعهم تعرض لهجوم المدفعية الروسية.
شعر المتطوعون بقلة المعرفة خلال مهمات كثيرة لهم، فلم يكونوا على دراية بمكانهم، ولا حتى مكان القوات الروسية وهو الأهم. 
وفي أحد الأيام تعرضوا لنيران من موقع كانوا يعتقدون أنه للقوات الأوكرانية، لكن لم يكن بمقدورهم اجراء اتصال لغرض التأكد. 
يذكر رجل أوكراني المولد وأميركي الجنسية لم يكشف عن هويته، أنه رأى في بداية الحرب صورا لبلدته وهي تحترق وتركها لينضم للقتال بعد 
يومين. 
عاد الرجل، ويكنى تكساس، الى منزله في مدينة هيوستن ولم يسبق له أداء الخدمة العسكرية، لكنه سريع التعلم وسرعان ما نقل الدروس التي تعلمها من زملائه الأميركيين الى الأوكرانيين، الذين قاتل الى جانبهم، وهي أشياء مثل نظريات تكتيكية لتنفيذ الكمائن والبقاء، بعيدا عن أنظار الطائرات المسيرة وأجهزة الاستشعار البصري الروسية.
يقول تكساس أن الحياة في المنزل ليس لها هدف وخالية من الإثارة، ويسمع أحيانا من أصدقاء له عن آخر تطورات القتال وغنائمهم من الدبابات بواسطة الرسائل النصية.
 
صحيفة واشنطن بوست الأميركية