أيام القدّاح

استراحة 2022/07/04
...

 قاسم موزان
أكاد أجزم واثقا أن اليوم الأول في حياتي بالجامعة المستنصرية، كان استثنائيا وشطب من ذاكرتي الأيام السابقة من عمري المتخم بالمرارة والوجع التاريخي. قبل الدخول إلى قاعة الدرس سقطت عيني على طالبة سمراء، عيناها تقبل قبل الليل ذات شعر طويل أسود، ثمة علامات اضطراب بادية على وجهها شأنها بقية الزميلات، دخلنا القاعة وأذكر المحاضرة الأولى في الادارة للدكتور محمد ابو طه "مصري الجنسية، كنت استرق النظر لهذه الزميلة بين الحين والآخر، وهي في شغل عن نظراتي، فهي ما زالت تدور في حلقة القلق، بعد انتهاء المحاضرة قلت لصديقي المعتق، الذي جاء معي من الإعدادية: يا فلان هل رأيت السمراء ذات الشعر الفاحم، ردَّ عليَّ باهتمام تلك، وأشار إليها أنها لوحة موناليزا لو عاد دافنشي إلى وقتنا هذا لرسمها، هي عوضا عن لوحته تلك، وأردف ضاحكا يا قاسم "نحن في اليوم الأول وعليك الالتزام بالضوابط الجامعية وألا تطرد وتحرم من هذا الجمال الرباني، طوال المحاضرات لم تفارق خيالي المزدحم بالصور، واسترجع في كل لحظة قوامها الممشوق وشعرها المنثور على كتفيها، بعد انتهاء المحاضرات غادرت الجامعة، صعدت الباص فإذا هي أمامي وجها لوجه وجلست بجانبها، في تلك اللحظة استجمعت شجاعتي وقلت لها نحن في شعبة واحدة أليس كذلك، نكست رأسها بخجل نعم لقد رأيتك في الشعبة، واستلمت زمام الحديث وهي تهز رأسها بالإيجاب أو الصمت أو بعض الكلمات الخجولة، وبعد نزولي من الباص، قلت لها مع السلامة رفعت كفها بعد أن غصت في حلقها كلمة مع السلامة واتشح وجهها بلون قرمزي، وطوال الطريق استرجع حديثي معها وخلال أربع سنوات لم تنقطع تلك العلاقة البريئة التي لم يكتب لها النهاية، التي أتوقعها مثل نهايات أفلام السينما المصرية، وكل ذهب إلى حيث كتب الله.