الاقتصاد الرقمي ودول الصراعات

اقتصادية 2022/07/26
...

 د. حامد رحيم 
 
ما يؤسف له أن بلدنا العراق في ظل ما يمر به من محن، صار يتصدر قوائم التصنيفات ذات المؤشرات السلبيّة، وفي المقابل لا نجد له أثرا او قد يكون حضوره متواضعاً عندما تصدر مؤشرات تنمويّة محوريّة كتصنيف التعليم العالي، مع وجود إشارات عليها علامات استفهام من قبيل توقعات النمو الاقتصادي التي أطلقت مؤخرا من صندوق النقد والبنك الدوليين بعد أن تحسّنت أسعار النفط، إذ أشارت الى تصدر العراق الدول العربيّة نموا في حين أن المؤثر كان (خارجيا) بمعنى ليس للنشاط الاقتصادي الداخلي دور فيه حتى على مستوى الانتاج النفطي، ففي السنوات الثلاث الماضية نحن ضمن المستوى نفسه تقريبا، أي أن العامل الدولي الخارجي صنع قفزة في الأسعار وانعكس ذلك ايجابيا على إيراداتنا النفطيّة، فأين النمو في ذلك؟، ولا نجد تفسيرا منطقيّا أكثر من أنّ هناك تداخلا كبيرا بين الاقتصاد 
والسياسة.
كانت وما زالت حقوق العراق التنمويّة مهدورة، لعوامل سياسيّة صرفة صنعت علاقة غير منطقيّة بين حجم الموارد المتاحة والفرصة الاقتصادية والميزات النسبيّة، وما بين الأداء الاقتصادي المتواضع جداً، لذلك نجد من جانب موارد ماليّة وتدفقات نقديّة هائلة، قبالها تدهور اقتصادي في أهم المؤشرات التنمويّة الحيويّة كتنويع الناتج المحلي الإجمالي ومؤشرات الفقر وفجوة السكن وأزمة الطاقة وغيرها.
 إنَّ التحدي التنموي يكمن في مستويات التطور على مستوى المفهوم الاقتصادي للتنمية من جهة، وفي آليّة التطبيق والأدوات المستخدمة فنيّا في عمليات التحول التنموي من جهة أخرى، ولعل الاقتصاد الرقمي اليوم شكل تحديا جديدا يواجه دول التخلّف الاقتصادي في التعاطي مع هذا النمط باعتباره ضرورة لحرق مراحل التحول الاقتصادي للوصول الى مشارف التحول التنموي.
والسؤال، ما هو الاقتصاد الرقمي؟
وما هي ركائزه الستراتيجية؟، هو ببساطة التفاعل والتكامل والتنسيق المثمر بين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبين النشاط الاقتصادي المحلي لتنظيم وتنسيق العلاقات الداخليّة والخارجيّة له، بمعنى أنّه يعتمد استخدام أدوات الثورة التقنيّة الحديثة في مجال الاتصالات والمعلومات في معالجة متطلبات تسير النشاط الاقتصادي بأشكاله كافة، أما المرتكز الستراتيجي فيعتمد (الأساس الرقمي) اي مواكبة التغيرات التكنولوجية و(الابتكار الرقمي) اي توفير نظم التعليم التي تساعد على الابتكار و(المواطن الرقمي) اي تمكين الفرد من التكنولوجيا و(الأعمال الرقميَّة) وتعني تمكين المنشآت العاملة من التكنولوجيا وأخيراً (الحكومة الرقميَّة).
يصدر الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي بالتعاون مع الجامعة العربية مؤشرا للدول العربية بخصوص الاقتصاد الرقمي، اذ يضع دول الخليج باستثناء (الكويت) ضمن المجموعة الاولى تليها دول المجموعة الثانية وهي (الكويت ومصر والاردن ولبنان والمغرب وتونس والجزائر) وهي أقل من المجموعة الاولى في حجم التحولات الرقميّة، أما المجوعة الثالثة والتي سميت (بدول الصراعات) فقد جاء بلدنا العراق الى جانب اليمن وسوريا وليبيا وفلسطين وهي المجموعة الاقل في التحول نحو الاقتصاد الرقمي وهنا (النقطة الحرجة) التي تعكس التراجع الإداري، إذ إن ورود العراق بإمكاناته العملاقة في هذا المكان، لا يمكن أن نجد له مبررا.
النتيجة الإدارة هي أساس التحول التنموي وما الموارد المتاحة إلا عامل مساعد، والعراق فقد الركيزة الأساسية للتنمية بفقدانه الادارة الناجحة، فظلت الموارد تبدد من دون أي أثر تنموي.