عشّاق طالبان

آراء 2022/07/27
...

 ساطع راجي
 
يقال دائما إن الحب أعمى، لكن الكراهية عمياء أيضا، ونتائج عمى الحب أقل سوءا بكثير من نتائج عمى الكراهية، فعندما اجتاحت حركة طالبان، العام الماضي، أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي، تناسى أعداء أميركا في العراق والعالم من هي طالبان كما تناسوا أن عملية الانسحاب «غير المنظمة»، جاءت بعد أشهر من المفاوضات بين واشنطن وطالبان، واحتفل السعداء بانهيار النظام الافغاني، الذي نشأ مدعوما من واشنطن وفشل خلال 20 عاما في الوقوف على قدميه، وكان الفساد هو العائق الاول للنظام ذي الخلطة العشائرية الدينية الديمقراطية.
إن الكراهية لأميركا وأحيانا الفشل في مواجهتها دفعت بعض خصومها، الذين لا يقلون عنها سوءا إلى تزييف الوقائع، وارتكاب جريمة تجاهل هوية طالبان والتغرير بالبسطاء، هؤلاء الكارهون نسفوا كل الحقائق عن طالبان التي لا تختلف عن داعش، وشمتوا بشعب يحاول الهرب من بلاده وفضل الموت على العيش تحت حكم طالبان، التي زيف عشاقها صورة قالوا إنها جديدة للحركة.
وعندما بدأت الحركة الفتك بالافغان، نسي المطبلون لها دورهم في وضع مكياجها وتزييف صورتها المقدمة للجمهور، بينما لم يتعلموا الدرس من انهيار النظام في افغانستان رغم تورط المطبلين بأزماته نفسها في العراق.
عشاق طالبان قفزوا بسرعة للفرح بالحرب الاوكرانية التي بدأتها روسيا، ومثلما تجاهلوا المفاوضات بين واشنطن وطالبان تجاهلوا ايضا ان واشنطن كشفت خطط روسيا لإجتياح أوكرانيا قبل اندلاع الحرب فعلا بأسابيع وبقيت موسكو تكرر نفيها لذلك، تماما كما فعل صدام قبل غزو الكويت، وصار عشاق طالبان عشاقا لبوتين.
العراقيون من عشاق بوتين ينشرون “هيبة” لمعشوقهم مثلما يفعل عبدة صدام المصرون على نشر “هيبته” الوهمية، ويجهلون أن هيبة الزعماء ليست في الحركات الاستعراضية، إنما في القدرة على توفير حياة جيدة وآمنة لشعوبهم حفظ استقرار دولهم.
عشاق طالبان الذين تحولوا إلى عشاق لبوتين ينسون أن هناك شعبين يدفعان ثمن الاستعراضات الدموية، هما الروس والاوكرانيون، وان شعوب الارض كلها تتعرض لأزمات غذاء وطاقة، وان النموذج البوتيني لا يمكن أن يكون هو مستقبل الانسانية السياسي، والحاكم الفرد مهما كان قويا أو حتى مقدسا مصيره الاختفاء وربما في أحسن الاحوال يتحول إلى مجموعة فديوهات تحرق قلوب المنحرفين والحمقى.
كراهية أميركا ليست مبررا لتحسين صورة خصومها، وعدو عدوي قد يكون عدوا لي وليس بالضرورة صديقا، والمستبدون هم دائما أسوأ الأصدقاء، خاصة عندما نحاول تقليدهم ومحو جرائمهم، وهو ما يكشف أننا نريد أن نكون مثلهم وسنكون موضع سخرية تاريخية عندما نفشل حتى في ذلك.