هل ستتحقق انذارات «الردع الدبلوماسي» ضد المعتدين؟

آراء 2022/07/27
...

 عبد الحليم الرهيمي
 
واجه العدوان العسكري التركي على الشعب العراقي وسيادته بارتكاب مجزرة دهوك الاجرامية، بغضب واستنكار شديدين على الصعيد الوطني العراقي، وكذلك بأدانة وتنديد واسعين على الصعيدين العربي والدولي، خاصة من الدول الكبرى والمؤثرة، إذْ استنكر عدد من المسؤولين في الدولة هذا العمل الاجرامي من قادة أنقرة، كان موقف وزارة الخارجية ووزيرها لافتاً ومستجيباً للغضب الشعبي العارم.
ففضلاً عن تقديم الوزارة لمذكرة احتجاج للسفير التركي بعد استدعائه ودعوة السفير العراقي في أنقرة القدوم إلى بغداد للتشاور، أصدرت الوزارة اكثر من بيان باسمها وباسم الوزير اتسم مضمونها باللهجة الوطنية الشديدة، والتي من بين ما جاء فيهما، التأكيد على أن اجراءاتها (لن تكون تقليدية، بل سنتبع أعلى درجات الرد والردع الدبلوماسي).
وعلى اهمية المواقف الرسمية التي اتخذت بهذا الشأن، فإن بعض الوساط السياسية والإعلامية، اعتبرت أن الخطوات الدبلوماسية التي أقدمت عليها بغداد وإدانة الحكومة ومعظم الشخصيات الرسمية الحادث بأشد العبارات، لكنها فشلت في امتصاص حدة الغضب الشعبي العارم، إذْ اشتعلت معظم منصات التواصل الاعلامي بانتقادات شديدة للسلطات أو لأحزابها السياسية، محملة أياها مسؤولية الاعتداءات التركية المستمرة منذ سنوات والتهاون في مواجهتها.
وفي ضوء ذلك يطرح السؤالان وهما: هل ستطبق وزارة الخارجية خاصة والدولة العراقية بوجه عام هذا الانذار الشديد اللهجة؟
وكيف سيكون غير تقليدي وبأعلى درجات الرد والردع الدبلوماسي؟
هذان السؤالان يطرحان برسم الانتظار في ظل توفر قناعات راسخة لدى معظم الرأي العام، إن ما تقوله الجهات الرسمية في لحظات الغضب الشعبي بإطلاق الوعود والتعهدات بهدف امتصاص النقمة وسرعان ما يتبدد مع مرور الوقت، ولعل أفضل الأمثلة الحية و(الطازجة) على ذلك، هو الوعود الرسمية التي أطلقت إبان وبعد الانتفاضة التشرينية بمحاسبة القتلة، الذين اخترقوا صفوفها، فضلاً عن كشف منفذي عمليات الاغتيال المعروفة، دون وفاء بالتعهدات .
وعدا كل ذلك، فإن السلاح السلمي الدبلوماسي الذي يستبعد الحرب هو السلاح الاقتصادي التجاري، الذي جرى ويجري الحديث عنه بكثافة دون استخدام فعلي مدروس وفعال .
إن تمادي القيادات التركية من حرمان العراق من حصصه المائية المشروعة دولياً، من دون ان يصيخ لأصوات العراق المنددة وكذلك التمادي في الاعتداءات العسكرية، يتطلب استخدام هذا السلاح عبر خفض حجم الاستيراد من تركيا إلى مستوى متدن، بدلاً من حجمها البالغ اكثر من 20 مليار دولار سنوياً، وكذلك التوجه لتقليص حجم الاستثمارات في العراق واستبدالها بأخرى عربية او دولية، إن هذا السلاح اذا ما تحقق سيؤثر بعشرات آلاف المصانع والمؤسسات التجارية والزراعية والسياحية، ويؤثر بالتالي في أوضاع ملايين العمال الاتراك مما يؤدي إلى أن يقف كل هؤلاء بوجه قيادتهم السياسية، التي تغامر بمستقبلهم ومستقبل بلادهم، فضلاً عن الأسباب والدوافع الاخرى كعلاقات حسن الجوار وضرورة الالتزام بالمواثيق والاعراف الدولية، التي تنظم العلاقات بين الدول والشعوب
لا خرقها.