العراق وسبل الخروج من تصادم العلويات

آراء 2022/07/27
...

 ا.د.عامر حسن فياض 
بعد أن كانت العلويتان الدستورية والتوافقية تتصادم، من أجل حكم عراق ما بعد 2005 أدخل انسحاب التيار الصدري علوية ثالثة في حلبة التصادم هي العلوية الشعبوية، فكيف السبيل إلى توخي التصادم بين العلويات؟
نعم الأنظمة السياسية المستقرة محكومة بالعلوية الدستورية، حتى لو كانت التوافقية حاضرة، بيد أن الحسم إن لم تحصل التوافقية سيكون لصالح العلوية الدستورية، بينما الغرائبية في العراق أن التوافقية إن لم تحصل فإن العلوية الدستورية تتعطل وهكذا أصبح الانسداد السياسي في عراق ما بعد التغيير، عندما جهلت او تجاهلت القوى السياسية المتنفذة أن السياسة لم تعد حل مشكلات قائمة فقط، بل حل لمشكلات مقبلة أيضا.
هذه القوى تعاملت مع الانسدادات بطريقتين إحداهما أسوأ من الأخرى، الأولى طريقة ترحيل المشكلات والثانية طريقة ايجاد حل ولّاد لمشكلات أكبر من المشكلة التي يراد حلها.
إن المؤسسة المسؤولة عن العلوية الدستورية، بعد انتهاء ولاية حامي الدستور رئيس الجمهورية، أصبحت المحكمة الاتحادية دون القوى السياسية المشروعة وغير المشروعة.
اما العلوية التوافقية فهي سلاح القوى السياسية المتنفذة، بينما العلوية الشعبوية هي سلاح الشعب المبتلى بثقافات الكسل والجهل والتفاهة. 
عليه فإن الخروج من تصادم هذه العلويات إن لم يكن مدروساأ فإن الباب او النافذة التي تفتح هذا الانسداد ستقودنا إلى العنجهية والفوضى، ومن دون العلوية الدستورية، فالقادم اما توافقية على استمرار المحاصصة والفساد، واما عنجهية وفوضى شعبوية لا تعرف ما تريد بل تعرف فقط ما لا تريد.
إن الخروج السليم من الانسداد وتداعياته المجهولة يتمثل بتغليب العلوية الدستورية ولكن كيف؟، السؤال موجه إلى القوى المتنفذة في المؤسسات وفي الشارع معا، والمطلوب منها أن تنشغل بحل العقدة المفتاح المتمثل بحل عقدة رئاسة الجمهورية دستوريا، اما باتفاق الكبيرين في البيت الكردي على مرشح مشترك المقبولية عندها، أو الإبقاء كل واحد على مرشحه والذهاب معا للجلوس تحت قبة البرلمان لانتخاب واحد منهما، أو من مجموعة المرشحين للرئاسة، وهنا ستكون المسؤولية على مجلس النواب كي يعقد جلسته التي تأخرت كثيرا الا، وهي جلسة اداء مهمة سيادية وطنية بالانتخاب النيابي لرئيس الجمهورية المنشود.
ان حل هذه العقدة هو مفتاح حل العقدة التالية، المتمثلة بعقدة تسمية مرشح الكتلة النيابية الاكبر لرئاسة مجلس الوزراء وما زلنا نلاحظ انشغال الجميع بعقدة مغلقة، متجاهلين مفتاحيها الأول بيد البيت الكوردي بالتوافق على مرشح، وإن تعذر استخدامه، فبالامكان اللجوء إلى المفتاح الثاني بيد مجلس النواب المجبر دستوريا على تحقيق نصاب جلسته الوطنية
 السيادية.
بعد ذلك على البيت الشيعي والكتلة النيابية الاكبر عددا فيه عليها أن تفكر بحكومة تقوم على رؤية ثلاثية الأبعاد، هي بعد البرنامج الحكومي غير المبالغ به، وبعد التشكيل الوزاري اللا حزبي وبعد المنجز الخدمي للحكومة المقبلة.
من حيث البعد البرنامجي للحكومة المقبلة ينبغي أن يكون غير مبالغ به، بل برنامج ايقاف تدهور بالخدمات واستعداد للانتخابات بنظام انتخابي مزدوج، يعتمد التصويت الفردي والترشيح الفردي والقائمة بدوائر انتخابية لا تزيد عن 18 دائرة موزعة بواقع كل محافظة دائرة انتخابية واحدة.
اما من حيث التشكيل فإن تسمية رئيس مجلس الوزراء ونسبة من الوزارات من حق الكتلة النيابية الاكبر حسب حجمها ووزنها، على شرط ألا يكون رئيس الوزراء ووزراء البيت الشيعي منتمين إلى أحزاب وقوى الإطار التنسيقي، وهذا الحق يمنح للبيتين الكوردي والسني لتسمية وزراء لهم في الكابينة حسب حجمهم ووزنهم، وكل ذلك يتم بالتحاور على ألا يكون هؤلاء الوزراء من المنتمين إلى احزاب وقوى البيتين.
اما البعد الانجازي فإن مهمة الحكومة أن تتعهد بإيقاف التدهور في الخدمات دون المبالغة بالتقدم والتطور مع الاستعداد والتحضير لانتخابات قادمة، بنظام انتخابي يتجاوز عورات كل من النظام الفردي لوحدة او نظام القائمة لوحده. 
وذلك هو حل اللا غالب ولا مغلوب، حيث إن إنجاز الجزء المعهود أفضل من عدم انجاز الكل الموعود وما زاد على انجاز المعهود أفضل من نقص في انجاز الموعود.
اما عن الخارج وتدخلاته في حكم العراق فليعلم الجميع أن الخارج كان وسيبقى، لا يمتلك حق الفرض لهذا الاسم أو ذاك، رغم أنه يمارس سياسة الرفض لهذا او ذاك، وهناك فرق كبير بين الفرض
 والرفض.
اخيرا من مصلحة التوافقين اللجوء إلى تغليب العلوية الدستورية وعلى الشعبويين مراقبة المنجز لتكون احتجاجاتهم دستورية ايضا.