برلين / محمد محبوب
اعلن وزيرا الخارجية الألماني هايكو ماس والفرنسي جان إيف لودريان في نيويورك مساء الثلاثاء (2/4/2019) تأسيس تحالف دولي باسم «تحالف أنصار التعددية»، ويأتي هذا التوجه الألماني الفرنسي بعد الموجة الترامبية المشككة في مدى أهمية التحالفات المتعددة الأطراف.
وقال الوزير الألماني ماس: «التعددية مهددة في آلية تطبيقها وهذا التحالف يهدف الى تعزيز التعاون الدولي والنظام العالمي وعمل المنظمات الدولية»، واضاف ماس أن هذا التحالف سيظل مفتوحا أيضاً أمام الدول مثل الولايات المتحدة، إذا عملت على تدعيم التعاون الدولي، ويتحتم على كل طرف أن يقرر بنفسه الانضمام الى هذا التحالف من عدمه، وكان ماس قد أطلق هذه المبادرة في تموز الماضي.
من جانبه، قال الوزير الفرنسي لودريان: «الأمر برمته ليس موجها ضد شخص، بل يدور حول شخص يتصدى للتعددية»، وأن أنصار التعددية هم أغلبية صامتة منذ فترة طويلة» مؤكداً ان الصمت لم يعد سياسة مجدية ولا بد من التحرك الى الأمام، وهذا التحالف ينتصر للتعددية والعدالة الدولية وقيم التضامن والمصالح المشتركة. وترغب دول عديدة مثل اليابان وكندا في المشاركة في هذا التحالف الذي يهدف إلى تكوين شبكة دولية للدفاع عن النظام العالمي الحالي ضد النزعات القومية الأنانية المنفردة التي لا تراعي مصالح الدول الأخرى، ولا بد من الاشارة هنا الى السياسات التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ أكثر من عامين والتي تقوم على مبدأ (أميركا أولا)، إذ قام ترامب بضرب التعاون الدولي ومصالح الدول الأخرى وبضمنهم حلفاء اميركا من خلال إلغاء العديد من الاتفاقيات الدولية والتشكيك في جدوى المنظمات الدولية.
وتشغل ألمانيا اليوم مقعداً غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إذ تم انتخابها للعامين (2019 ـ 2020)، وفرنسا بالطبع هي عضو دائم في المجلس، وكلا البلدين يرأسان المجلس بالتتابع، فرنسا في آذار وألمانيا في نيسان من العام الحالي، وهناك تنسيق عالي المستوى بين البلدين يصل الى حد (التوأمة) بين البلدين داخل مجلس الأمن، ولا توجد في الواقع تغييرات في برنامجهما لرئاسة المجلس، إذ أن البلدين اتفقا على هذا التعاون الوثيق بينهما في اتفاقية آخن (عقدت في مدينة آخن غربي ألمانيا)، ويعتزم البلدان مواصلة دعم مهمة الأمم المتحدة في مالي وبوركينا فاسو، ويعملان على تسهيل عمل موظفي الإغاثة في العالم وتحسين تجهيزاتهم وحمايتهم. وفي هذا الإطار ينوي البلدان عرض مبادرة على مجلس الأمن في بداية نيسان تهدف الى مكافحة تجارة الأسلحة الخفيفة في دول البلقان، والتعاون الأفضل بين السلطات في هذه الدول، كما أن ألمانيا تسعى للتنسيق مع فرنسا للعمل من أجل مشاركة سياسية أكبر للنساء والعمل ضد العنف الجنسي في النزاعات، وأن نزع السلاح يعتبر نقطة مشتركة أخرى في برنامج البلدين، وتترأس ألمانيا في شهر نيسان الجاري جلسات مجلس الأمن.
وتعاهدت ألمانيا وفرنسا على مجابهة النزعة القومية المتزايدة وفق نموذج دونالد ترامب بعملهما المتعدد الأطراف، علما أن التنسيق حاصل أيضا مع دول أخرى أعضاء في مجلس الأمن حالياً مثل العضو الدائم بريطانيا فضلا عن بولندا وبلجيكا، وتدافع دول الاتحاد الأوروبي عن الحفاظ على التفاهمات الدولية والاتفاقيات مثل اتفاقية باريس حول المناخ أو اتفاقية نزع الأسلحة النووية.
وتشدد ألمانيا وفرنسا على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة في مجلس الأمن، ومن هذا المنطلق اتهم سفير ألمانيا في الأمم المتحدة مؤخراً الولايات المتحدة بخرق القانون الدولي من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والاعتراف بسيادتها على هضبة الجولان في خرق واضح لقرارات الأمم المتحدة وتجسيداً للنزعة القـوميـة الإنفرادية وانتهاكاً للتعاون والتنسيق الدوليين والتفاهمات الدولية. ومنذ إعادة توحـيد ألمانيا تسعى برلين للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن. وأعلنت ألمانيا وفرنسا مؤخرا في اتفاقية آخن خطتهما لإصلاح الأمم المتحدة ومنح مقعد دائم لألمانيا، وتتوفر ألمانيا على حجج كثيرة، إذ أنها رابع أكبر مانح للأمم المتحدة وأكبر دولة تقدم جنوداً في إطار مهام الأمم المتحدة وملتزمة عالمياً في المجالات التي تعمل فيها الأمم المتحدة مثل سياسة المناخ وحقوق الإنسان ونزع السلاح، وألمانيا ليست الوحيدة التي تسعى للحصول على مقعد دائم في مجلس، إذ تعمل كل من البرازيل والهند واليابان من أجل الحصول على مقعد دائم في المجلس، لكن حسب خبراء في الأمم المتحدة فإن حصول المانيا على مقعد دائم في مجلس الأمن لا يلوح في الأفق.