العلمانيّون والإسلاميّون.. {خطاب التحريض المتبادل}

آراء 2023/01/09
...


 عبدالهادي البابي

من حق أي إنسان أن يكون علمانياً أو شيوعياً أو ملحداً أو مثلياً أو خماراً أو سكيراً أو مستمعاً للغناء والطرب والرقص وغيرها، فهذه كلها حقوق نصّت عليها كل الدساتير المدنية في العالم، ولكن ليس من حقه أن يطالب المجتمع الذي يعيش فيه أن يكون مثله أوعلى شاكلته هو

ما نلاحظه اليوم على صفحات بعض الدعاة للعلمانية والمدنية أنهم يهاجمون الإسلاميين بلا هوادة، وينتقصون من طريقتهم ويطعنون بتدينهم، وهذا نوع من أنواع الدكتاتورية (الإلغائية)،فليس من حقهّم - وفق مبادئ الحرية والديمقراطية - أن يحاربوا الإسلاميين ويسخروا من مراجعهم ورجال دينهم الكبار، كما وليس من حقهم أن يعملوا على إشاعة الفاحشة في المجتمع وإغراء الشباب المسلم بالرذائل والفواحش والمحرمات، بحجة أنها البديل الأفضل والأحسن للبلاد والعباد، ولكن من حقهم محاربة الفساد والمفسدين والمجرمين، ولا يصورون للناس بأن مشكلة البلد هو الدين أو أهل الدين أو رجال الدين، هذا خطأ كبير، وهذه دكتاتورية عمياء، وهي ضد الحريات الشخصية، كما لا يحق للإسلاميين أيضاً أن يجبروا الناس على التدين وعلى الدين ورواياته وأحاديثه ومجالسه ومعرفة رموزه ورجاله وضرورة التقليد وغيرها، وأن لا يفرضوا عليهم الاستماع للخزعبلات والخرافات التي أكل الدهر عليها وشرب، وأن لا يجعلوا من مناسباتهم الدينية بلاءً ومصيبة على الناس وتعقيداً لحياتهم ومضايقتهم في أرزاقهم وعيشهم.

فاليوم نرى الإسلاميين على أنحاء مختلفة،.أما دعاة للقتل والذبح والتفخيخ (داعش والقاعدة وأشباههما)، وأما دعاة للفتنة والفرقة والطائفية (الجماعات الإسلامية المتطرفة)، وأما دعاة للخرافة والأباطيل والبدع والضلالات وإعادة المجتمع إلى العصور المظلمة، وإثارة النعرات الطائفية واستجلاب التاريخ ومصائبه وأحزانه وأحقاده وجرائمه فيزجونه في حياة الناس ليتقاتلوا ويتصارعوا على أمر لا يعنيهم وزمان قد فاتهم بقرون 

عديدة. 

وللإنصاف فإن هناك القليل القليل من رجال الدين التنويريين من يشّعون حباً وإنسانية في خطاباتهم وكتاباتهم ومناهجهم.

حيث نراهم أقرب للواقع من غيرهم، إن الشعوب الإسلامية والعربية ملّت من هؤلاء المتحجرين المتطرفين، كرهتهم وأبغضتهم، لا تريد أن تسمع خرافاتهم وأباطيلهم، ولا تريد أن تتحمل شذوذهم ومكرهم وخداعهم، ولاتثق بكلامهم بعد اليوم. 

نحن اليوم لا نريد دولة اللعن والسب والشتم، لا نريد دولة العصبيات والطائفيات والخرافات، لا نريد دولة الذبح والتهجير والتفخيخ وقطع الرؤوس، لا نريد دولة الأديان والطوائف والمذاهب، في الوقت الذي نرفض فيه (دولة المتأسلمين الفاشلين المتحجرين المتشددين) فإننا لا نريد دولة الابتذال والسقوط الأخلاقي والإنحلال الأسري وإشاعة الفواحش والكبائر في مجتمعنا المحافظ بأعرافه وتقاليده الكريمة تحت شعارات (المدنية والعلمانية ) ولا نقبل أن تكون هي البديل، إن هاتين الدولتين المشوهتين دولة (الخرافة) ودولة (الخلاعة) نحن نرفضهما جملة وتفصيلاً، ولا نقبل بهما،لأنهما لايقلان وحشية وجهلاً عن داعش وأخواتها، نحن نريد دولة الإنسان، نريد دولة المؤسسات والقانون، دولة الوطن للجميع والجميع 

للوطن.