الكتاتيب والملالي.. مدارس تجيد صناعة الكبار

ثقافة شعبية 2023/01/12
...

 سها الشيخلي 

الكتاتيب والملالي هي نوع من المدارس التي كانت سائدة في العراق وفي البلاد العربية والإسلامية قبل مرحلة التصنيع والتطور التي حدثت في التقنيات والمدارس الحديثة، وكانت سائدة حتى القرن العشرين وخاصة في المناطق الشعبية والريفية.
وفي هذا الشأن يروي الصحفي والتـراثــي عـــادل العــرداوي لـ"الصباح" قائلاً: صفة الملة تطلق على الرجل إذا كان هو صاحب الكتاتيب وعلى المرأة إذا كانت هي صاحبة الكتاتيب، والملالي تطلق على النساء والرجال، وبالمناسبة جدتي لوالدي هي ملاية اسمها (ملة علاية) وكانت تعلم الأطفال وكانت الدروس تتحدد بختمة القرآن الكريم وعند إنهاء أو ختمة القرآن، يقام احتفال أو زفة، علماً أن والدي حسوني، خريج الكتاتيب لأن أمه ملّة، وكان خطه قوياً وجميلاً على الرغم من عمره الذي لم

يتعد الخمس سنوات.

وبشأن مواد الدراسة في الكتاتيب، أوضح العرداوي أن" الطلاب يبدؤون بتعلّم أجزاء القرآن الكريم من جزء عمة فصاعداً وصولاً إلى ختمة القرآن الكريم، إذ إن الدراسة (ترديدية) تحفظ مثل الأناشيد، وتستغرق ختمة القرآن (6 - 7) سنوات، وتتبع دراسة الملّة نظاما ًصارماً ويستخدم الملّة العصا والفلقة في الدراسة، ويساعد الملّة صانع يكون نائباً عنه لذلك يتم اختيار شخص طويل ونشيط، ويكون بمثابة مراقب الصف والطالب المشاكس يأخذه (صانع الملّة) ويعلقه ويضربه بعصا "الخيزرانه".

ويشير الزميل العرداوي إلى أن فترة الدوام الصباحي تبدأ من الساعة 8 أو9 صباحاً وتستمر إلى قبل أذان المغرب ويأخذ التلميذ معه طعاماً خفيفاً مثل (الكليجة أو خبز العروك)، وإن خريجي هذه المدارس بالرغم من كون الدراسة متخلفة، إلا أن أغلبهم يكونون متقنين للغة العربية، لكون دراستهم خاصة بالقرآن الكريم بكل أجزائه، وتقام عندما يختم الطالب القرآن الاحتفالات ويركب الطالب الحصان وسط الموسيقى والأناشيد الدينية والصلوات ووالد المحتفى به إذا كان غنياً يغدق الأموال والهدايا إلى 

الملّة. 

وبيّن العرداوي أن أشهر الملالي في بغداد هم إبراهيم، شمسة، عباس، جواد بجانب الكرخ وفي الكاظمية شيخ مهودي.

وعن أجور الدراسة أكد "لا توجد أجور ولكن تعتمد على نهاية التخرج، والدولة العثمانية كانت تختار موظفيها من الذين يجيدون القراءة والكتابة".

واختتم العرداوي حديثه بوجوب الاعتناء بهذه الفترة كونها الأساسية في التعليم، ويذكر أن الشيخ جلال الحنفي تخرج في المدرسة البارودية وأرسلته الحكومة إلى الصين لتعلم اللغة العربية في شنغهاي، ومن الأساتذة الذين درسوا في الملالي الدكتور مصطفى جواد، علي الوردي، حسين أمين، حسين علي محفوظ، عبد الرزاق الحسني، فضلاً عن أن أغلب أعلام العراق درسوا في الملالي.