أمير البركاوي
تصوير: رغيب اموري
منذ الصغر تظهر الموهبة لدى الإنسان لكنها تحتاج في الوقت نفسه، إلى من يكتشفها أو ينميها سواء بالدروس النظرية في منهاج متطور في المدارس، أو دعم الدولة ورعايتها للموهوبين، لا سيما المبدعون بالرسم، أو أي هوايات أخرى.
تربية فنيَّة
هناك آراء متعددة بخصوص وجود إهمال واضح في منهاج التربية الفنية، في ما يتعلق بالوقت المخصص له في المدارس، فتحدثنا الفنانة التشكيلية مروة سامي قائلة: "إن التقصير نابع من أطراف متعددة، منها مدرسو أو معلمو المادة، الذين أحياناً يكون بعضهم غير مستعد لتقديم مادة التربية الفنية للطلاب، ونحن نعلم أن أي مجال تدخله عن حب سوف تبدع به، ولكن إن كنت قد اخترته مجبراً، فبالتأكيد لن تستطيع أن تبدع، ولأن التربية الفنية تصقل مواهب الأطفال، لذا فهي تخرج إبداعاتهم وتنميها أكثر.
وتتابع سامي قولها: "هناك معاناة مع مادة التربية الفنية، وهي لم تبدأ اليوم بل انتقلت عبر الأجيال، بدءاً من تقاعس معلم أو مدرس الفنية، وتنازله عن درسه لأجل باقي الدروس العلمية وحرمان الطالب من إخراج روح الإبداع والفن بداخله، أو الأهل الذين أحياناً يكرسون مبدأ الاستخفاف بهذا الدرس منذ المراحل الدراسية الأولى لأبنائهم، وقد نجد الأهل في صراع مستمر مع مدرس مادة الفنية، إذا لم يمنح الطالب درجة كاملة.
مشيرة إلى أن إهمال التربية الفنية، وصل إلى حد كبير وبالتالي هذا قد يؤدي إلى اندثار الموهبة الفنية التي من الممكن أن يملكها أحد الطلاب، بينما من الممكن اكتشاف المواهب لدى الطلاب عن طريق إقامة معارض فنية ومنافسات بين المدارس وتكريم أصحاب المواهب في الرسم، ودعمهم وتشجيعهم والتأكيد على عدم إهمال هذه المواهب عن طريق النقاش مع أولياء أمورهم.
دعم وإسناد
وعن أهمية الدعم للفن، لا سيما التشكيلي، تشير سامي إلى أن الدعم المعنوي والمادي يحتاجهما أي فنان اليوم، فالمعنوي قد يكون سبباً وحافزاً للطاقات الشابة على وجه الخصوص، ودعم مواهبهم وتشجيعهم عن طريق تسليط الضوء عليهم وعلى أعمالهم وإقامة معارض لإبراز مواهبهم التي في الغالب تبدأ بسن مبكرة وتحديداً المدرسة.
فاليوم الفنان لن يشعر بقيمة عمله ما لم يشاهد في معارض ومحافل مختلفة، ويقيم من قبل أساتذة الفن والمتلقي، أما الدعم المادي فيكون عن طريق توفير أبسط احتياجات الفنان من ألوان و (فريمات) للرسم وفرش تلوين، أما بشكل مباشر أو عن طريق منحة سنوية للفنان.
لافتة إلى أن الرسام اليوم بحاجة إلى تسليط الضوء عليه، وعلى أعماله، إذ يذكر أن أغلب الفنانين يعانون من الإهمال، وغياب الدعم الحكومي ليشعروا بالأمان في بيئة توفر لهم أبسط الحقوق.
مواهب واعدة
هالة حازم الدليمي (ماجستير هندسة الكومبيوتر.. الذكاء الاصطناعي والروبوتات) تقول : "من المهم تحفيز الطاقات والمواهب وتشجيعها في المجالات التي ترغب الخوض فيها عن طريق إقامة ورش عمل وندوات حوارية ومحاضرات، وترجمة الكتب المتخصصة باللغات العالمية الأخرى، ونقل مضمونها إلى العربية لكي يستفيد المتلقي من تجارب الآخرين في إبراز وصقل تلك المواهب".
أما نجم الخفاجي، الموظف في وزارة الثقافة فيرى أن اكتشاف موهبة الطفل في المدرسة والبيت من الصغر، له أهمية وتأثير في ما يملك من مواهب والتي الكثير منها اندثرت واختفت لانعدام الاهتمام بها، وفي ما يخص مادة التربية الفنية فهي تعد بمثابة فسحة للطالب، ولكن في الكثير من المدارس جرى إلغاؤها أو إهمالها، إذ ألغيت تماماً من جدول الحصص الدراسية.
إحباط
وعن الإحباط الذي يصيب المواهب من الرسامين تقول التشكيلية مروة سامي: "كل عمل إبداعي بحاجة إلى أن يرى النور، وأن يشعر صاحب العمل المبدع بوجود دعم، إذ إن غياب المبادرات التشجيعية سيسهم بإحباط الفنان، ويؤثر في مسيرته ونتاجاته الإبداعية، ومن ثم اضمحلال الموهبة شيئاً فشيئاً إلى أن يتركها بشكل تدريجي".
وتنوه سامي بأن هناك طاقات شابة، تعمل بأسلوب فني حديث وتتبادل الخبرات مع بعضها البعض عن طريق النقاشات والحوارات التي تدور داخل المعارض الفنية، إذ نرى تنوعاً بالرسامين من جميع المهن، فلا يشترط اليوم أن تكون أكاديمياً لتمارس الفن وتشترك في المعارض، بل يكفي أن تكون صاحب موهبة وممارساً لفنك بأسلوب حديث.
وتوضح سامي أن هناك جوانب ومواهب إبداعية أخرى غير الرسم، نجد الكثير من الطلاب مولعين بها منها الموسيقى والباليه والسباحة، ولا بد من تشجيعهم ودعمهم في هذه المجالات.
الكاتب والمخرج عزام صالح يلفت إلى أهمية إدخال كتاب يتحدث عن تاريخ بعض الفنانين وأعمالهم وتقنيات الفن، كما يجب الاهتمام بحصص التربية الفنية في المدارس وإيلاء أهمية لمنهاجها من أجل ترسيخ ثقافة الفن في نفوس التلاميذ وتنمية مواهبهم، وجعل هذه المادة محببة إلى قلوبهم.