اذا كنت تصدّق بأن في داخل جسمك (ساعة بيولوجية) تحدد اوقات نومك وطعامك، فصدّق ايضا أن بداخل جسمك (بوابة ألم) تحدد متى وكيف تتحسس الألم.
إننا نشعر بالألم حين يتعرض الجسد للأذى، وتكمن الفائدة من الألم انه يخبرنا أننا أصبنا بأذى في منطقة ما، فنبتعد عن السلوك الذي كنا نقوم به مما يعطي العضو المصاب وقتا للشفاء. ولكن الألم لا يكون دائما متناسبا مع حجم الأذى، فكلنا يعلم مدى الألم الذي يسببه كسر أحد الاسنان، رغم أن ذلك يبدو تافها. وقد اقترح بعض العلماء نظرية في الألم، تخالف الاعتقاد الشائع بأن الألم ينتج من رسائل عصبية ترسلها مستقبلات الألم إلى الدماغ فيحدث الشعور به، بينما الرأي الجديد يقول إن (إدراك الألم)، وليس الألم نفسه هو الذي يجعلنا نشعر به (نكرر: إدراك الألم).. وإن الناس يختلفون في ذلك . فقد وجد أن 65 % من الأشخاص الذين يجرحون في المعارك لا يتألمون عندما ينقلون إلى المستشفى الميداني اثناء الحروب، بينما يروي اكثر من 80 % من المدنيين المصابين بالجروح نفسها، أنهم يتألمون وأنهم بحاجة إلى علاج لتخفيف الألم.
ولك أن تدرك الفرق بمثال آخر. تصور أنك مكان الملاكم محمد علي كلاي (أشهر ملاكم في زمانه)، وان "تايسون – بطل زمانه" سدد لك ضربة إلى فكك.. فإن لم تقع ارضا مسطورا مغميا عليك، فإنك ستصرخ وتهرب "بالعزيزة" فكيف بمحمد علي كلاي تحمّل ضربات تايسون، تكفي واحدة منها، للإطاحة بحمار!؟.. بينما هو استمر في اللعب وفاز عليه!.
مثل هذه الامثلة قادت إلى الاعتقاد بعدم وجود علاقة بسيطة ومباشرة بين شدة الاصابة ومقدار الألم الذي يشعر به الشخص.. ولك أن تتذكر ايضا.. كيف أن السياسيين كانوا يتحملون في التعذيب أقسى أنواع الألم الذي لا يتحمله آخرون.
لقد اثبت العلماء أن انتباه الانسان للموقف المؤلم يزيد من ادراكه للألم. وبناء على ذلك اقترحوا نظرية في الألم اطلقوا عليها (ضبط بوابة الألم) مفترضين وجود دور للعمليات الدماغية العليا في ضبط الشعور بالألم، ووجود نظام في الحبل الشوكي يقوم بتنظيم مقدار المعلومات التي تصل إلى الدماغ حول
الألم.
ويبقى تساؤل في مكانه:
لو أن موسوعة غينس للارقام القياسية، قاست (بوابة الألم) عند الشعوب.. لضرب العراقيون رقما عالميا في قدرتهم على التحمل لا يصدّقه أهل السويد والنرويج والدنمارك.. وحتى جنس نفسه!.