أمهات يتخلصن من أطفالهن الرضّع

ريبورتاج 2023/03/02
...

 امير البركاوي

 تصوير مصطفى الجيزاني

في سلة النفايات أو على أرصفة الطرق، لم يعد مستغرباً أن تجد ملاكاً صغيراً تحمل ذنب أبويه، فرمي في الشارع منذ الولادة بحجج متعددة منها عدم قدرة الأهل على تحمل تكاليف معيشته، أو لكونه غير شرعي لهذا يتم التخلص من هذا الطفل حديث الولادة، ومن أجل التعرف على أسباب رمي الأطفال والآثار الاجتماعية لذلك، كانت لنا هذه الجولة التحقيقية.

قصص مختلفة

في البداية التقينا بالطبيبة المختصة بالنسائية والتوليد الدكتورة سندس كرم الجشعمي، إذ ذكرت قصصاً متعددة لرمي الصغار فتقول : "هناك فتيات يتعرضن للاعتداء، وليست لهن القدرة على الدفاع عن أنفسهن لسبب أو لآخر ولذلك يخترن أن يتخلين عن أطفالهن ومنهن من يسلمن المولود إلى أسرة معروفة لتربيته".

وتبين الجشعمي أن من الأسباب الأخرى لرمي الأطفال في الشوارع او النفايات، هو صغر سن البنت المعتدى عليها ومحاولة الأهل التكتم على الخبر والحفاظ على البنت، وهناك من يتفق مع قابلة مأذونة لحين وضع المولود فيأخذه ويسلمه لأسرة ما. 


زينة الحياة

ويرى المختص بفلسفة المجتمع والتدريسي في جامعة الكوفة الدكتور حسنين جابر الحلو، أن الأطفال زينة الحياة الدنيا وأي فرد يخالف هذا الرأي، فهو يخالف مخالفة صريحة الشريعة الحقة ويجب ألا يكون الفقر والعوز سببين للتخلص من أي طفل ومن الملاحظ أنه في الآونة الأخيرة كثرت حالات رمي الأطفال، أما في النفايات أو قرب الجوامع، وهنا تجرد الأبوان من أي إحساس أو مشاعر يتمتع بها الفرد العادي، خصوصاً أن غالبية من يقدمون على هذا الفعل هم أصحاب علاقات غير شرعية، وهذا الأمر مرفوض تماماً في مجتمعاتنا المحافظة كما يقول الحلو.

ويعتقد الحلو أن مسؤولية تثقيف وتوعية الشباب والأزواج، تقع على عاتق مؤسسات الدولة ورجال الدين والعشائر المنضبطة والملتزمة، كما أن التخلي عن الطفل لن يؤثر عليه في طفولته فقط بل ستكون هناك آثار اجتماعية ونفسية ووصمة عار ستلتصق به مدى الحياة، ولن يجد مكاناً له لا في سوق العمل ولا في المجتمع بصورة عامة.


تخلي وتبني

تشير المختصة بعلوم القرآن والدراسات الاستشراقية الدكتورة ايناس جاسم الدورغي، إلى أن المجتمع شهد في الآونة الأخيرة ظواهر سلبية متعددة، ومنها ظاهرة  التخلي عن الأولاد والتي تعود لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بتردي الوضع المادي والاقتصادي، أو لأسباب عاطفية أي وهب الطفل لأناس لم يكتب لهم الإنجاب فضلاً عن التخلص منهم لكونهم مجهولي النسب،  وتقول الدورغي: "تشير العديد من النصوص القرآنية إلى حرمة التخلص من الأولاد، وأن الله (عز وجل) كفيل برزق عباده، فهو المدبّر لتوازن الكون بأشمله وهو المتكفّل بشؤونه، والجانب المهم أيضاً هو حرمة قتل الأولاد وله أبعاد عدّة، منها أن مفهوم القتل الذي ورد في بعض النصوص القرآنية لا يقتصر على القتل المادي، بل يشمل المعنوي بمعنى إيذاء مشاعرهم وأمانيهم إذا ما كتبت لهم الحياة بعد التخلي عنهم، إذ يحرمون من أبسط متطلبات العيش وهو النشأة في كنف دفء الأسرة وغيرها من الأمور السايكولوجية التي تؤثر في النشأة والإعداد لاحقاً، وإن الأمر لا يقتصر على الأولاد وذويهم وإنما يشير إلى أبعاد أخرى تتعلق بمسؤولية 

المجتمع تجاه أفراده ومنهم هذه الشريحة، لذك من واجب كل أسرة أن تهتم بأولادها وتربيهم بشكل 

صحيح. 

أما الكاتب ولاء المانع، فيلفت إلى أن التخلي عن الأطفال، لا يتم فقط في ساعات الولادة الأولى بل هناك من يجهضهم وهم أجنة، لعدة أسباب منها الفقر والعوز وعدم القدرة 

على تحمل المسؤولية، ويشاطره الرأي المعد ومقدم البرامج محمد 

صدام الذي يظن أن هناك أجنة تعاني من تشوه أو عوق ما، ما يمنع والديهم من الاحتفاظ بهم رأفة ورحمة بهم.