اللغة والحداثة

ثقافة شعبية 2023/03/02
...

 منذر زكي


من الدلائل على نشوء اللهجة العامية العراقية من اللغة الأم الفصحى هي وجود نصوص لشعراء كبار في الجاهلية حملوا مفردات تلفظ الآن في اللغة العامية العراقية (كالاعشى، وامرؤ القيس، والحطيئة، والحارث بن حلزة)، والكثير الكثير من الشعراء الذين يمكن قراءة مفرداتهم المرادفة للهجة العامية العراقية في مجلة (التراث 

الشعبي). 

تعد اللغة العربية معبرا وحلقة وصل لانسابنا العريقة من علماءٍ وشعراءٍ ومفكرين نسخوا افكارهم لخدمة الاجيال اللاحقة، لهذا يجب العمل بدقة وتمعن في اختيار المفردات الشعرية الفصيحة من قبل الشعراء الشعبيين لتقريب العامية من اللغة الأم وشمولها بحداثة شعرية شعبية ذات معانٍ رحبة متقاربة بصورة او بأخرى، كما حدث مع الشاعر الذي وضع اساس الحداثة الشعرية الشعبية بإطار مناسب للغة الأم.. (مظفر النواب) الذي تناول هذه الرسالة منذ ستينيات القرن الماضي حيث عمل على البوح بمفردات اللغة العربية منها (الهوى، الصافي، روازين، نبع، ولهان، المتني، غفوة، جرة، تتمزق) والكثير مما خطت يدا النواب من مضمون صوري متناغم مع اللغة الأم كما في النص 

الآتي-

اشكَد نِده نَكَـط عالضِلِع

ونْسِـيت اكَلـك يمته

اشكَـدْ رازقي ونَيـمته

واشكثُـر هجرَك عاشـَر ليالي الهوى ومالمته


لقد انتقل النواب بحسه المرهف النابع من ثقافته ثقافة النواب اللغوية حاملةً التواضع الشعبي في كنوزها الادبية المرهفة التي عملت على ترسيخ ابياته في طبقات الوسط الشعبي المختلفة وعلى السنة المتناغمين لكثير من قصائده ومنها نذكر-

 

فاركيـتْ انتـه السفيـنَه وانه جايبلـَك بحـرْ

خِفِـتْ!! مايكفيـك عشكَ الناس

توصــلْ فرح كَلبــكْ ..

كَـعّديتْ الثلج من نومــه الثجـيلْ

وسلسَـلتـْلـَكْ حزن كَلبي سلسَبيـلْ

جـِبتْ سلطان الحلمْ ...

شِفتـَكْ مِثــل ممسـوح بغياب الشمس

فاركَت حِلم النـاس ومَلـيت السفينه والسفَرْ 

إن الاقتداء بشعراء الحداثة ورموزها فضلا عن الابتعاد عن السطحية وانتقاء الصور المباشرة، مدعاة للمحافظة على رفعة الشعر ومكانته الرصينة في المشهد الثقافي.